تعليق على قرار :-
ثـلاثـة اخطـاء جســيـمـة
في قرار تمييزي واحد
قضت محكمة التمييز الاتحادية بالعدد 6791 / الهيأة الجزائية الاولى / 2012
في 21 / 5 / 2012 :- ( ...ان طالب الطعن التمييزي نائب المدعي العام امام محكمة
جنح الجبايش ( ع . م . ك ) انصب طعنه على قرار محكمة جنح الجبايش الصادر بالعدد (
29 / ج / 2012 ) في 26 / 2 / 2012 دون ان يلاحظ ان محكمة الاستئناف المختصة
وبصفتها التمييزية حلت محل محكمة التمييز في الطعن بالاحكام والقرارات من محكمة
الجنح وفق ما نص عليه القرار 104 لسنة 1988 ، عليه ، ولما تقدم قرر رد الطعن لعدم
الاختصاص وصدر القرار بالاتفاق ... ) .
وقائع الدعوى :-
1- اصدرت محكمة جنح الجبايش حكما بالافراج عن
المتهم وفق المادة ( 495 / 1 ) من قانون
العقوبات ([1])
، مع الحكم باتعاب محاماة للمحامي المنتدب مبلغا مقداره خمسين الف دينار تدفع له
من خرينة الدولة .
2- طعن نائب المدعي العام بالحكم بطريق التمييز
امام محكمة الجنايات بصفتها التمييزية لعدم جواز انتداب محام للمتهم في دعاوى
المخالفات وعدم صحة الحكم للمحامي المنتدب باتعاب المحاماة .
3- احالت محكمة الجنايات الطعن التمييزي الى محكمة
الاستئناف بصفتها التمييزية بكتاب دون تنظيم قرار احالة على اساس ان الاختصاص بنظر
الطعن التمييزي ينعقد لها .
4- اودعت محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية الطعن
التمييزي الى محكمة التمييز الاتحادية لتعيين المحكمة المختصة بنظر الطعن التمييزي
.
5-
اصدرت محكمة التمييز الاتحادية قرارها المذكور برد الطعن التمييزي لعدم
الاختصاص ، دون ان تلتفت بان الطعن التمييزي غير موجه اليها ، وان المطلوب منها هو
تعيين المحكمة المختصة بنظره فقط .
المسائل التي ثيرها القرار التمييزي :-
1- هل ينتدب محام للمتهم في المخالفات الذي لم يوكل
عنه محاميا ، وهل يحكم له باتعاب محاماة تدفع من خزينة الدولة ؟
2- هل يصح احالة الطعن التمييزي من المحكمة التي
قدم اليها الى محكمة اخرى بكتاب رسمي دون تنظيم قرار احالة ؟ وما هو الاساس
القانوني لطلب تعيين المحكمة المختصة ، من محكمة التمييز الاتحادية ، في نزاع حول
طعن تمييزي بين محاكم حلت محل محكمة التمييز الاتحادية في نظره ؟
3- هل يصح لمحكمة التمييز الاتحادية نظر الطعن
التمييزي غير الموجه او المحال اليها ؟
4- هل يصح لمحكمة التمييز الاتحادية رد الطعن
التمييزي اذا قضت بعدم اختصاصها في نظره ؟
5- من هي المحكمة المختصة في نظر الطعن التمييزي
على الاحكام الصادر من محاكم الجنح في المخالفات ؟
سنناقش كل واحدة
من هذه النقطة الخمسة في بند مستقل ؟
اولا :- انتداب
محامي للمتهم في المخالفة :-
كان نص المادة (
144 ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية هي الذي يحكم موضوع انتداب محام للدفاع عن
المتهم الذي لم يحضر محاميا للدفاع عنه التي كانت تنص :-
( أ- يندب رئيس
محكمة الجنايات محاميا للمتهم في الجنايات ان لم يكن قد وكل عنه محاميا ، وتحدد
المحكمة اتعاب المحاماة عند الفصل في الدعوى على ان لا تقل عن عشرة دنانير ولا
تزيد على خمسين دينارا تتحملها خزينة الدولة
... ) .
فهذا النص يقصر
انتداب محام للدفاع عن المتهم في الجنايات اثناء المحاكمة فقط دون الجنح والمخالفات ودون
مرحلة التحقيق ولو كانت في جناية .
وكان نص المادة
الثالثة والستون / 2 من قانون المحاماة قد نصت :- ( اولا :- تحكم المحكمة باتعاب
المحاماة على الوجه الاتي :- ( أ... . د-
بما لا يقل عن الف دينار ولا يزيد على ثلاثة الاف دينار ، تتحملها خزينة الدولة
للمحامي المنتدب وفق احكام المادة 144 من قانون اصول المحاكمات الجزائية ....) .
الا ان نص المادة
( 144 / أ ) الاصولية عدل بالقسم ( 4 / و ) من مذكرة سلطة الائتلاف المؤقتة
المنحلة رقم ( 3 ) - الاجراءات الجزائية – لسنة 2003 المنشورة في الوقائع العراقية
بتاريخ 17 / 8 / 2003 ، التي نصت :- ( تلغى عبارة لا تقل عن 10 دنانير ولا تزيد
على 50 دينارا تتحملها خزينة الدولة الواردة في المادة 144 فقرة ( أ ) ... ) .
وهذا التعديل لم
يأت بشئ جديد لان الجزء الذي الغاه كان معدلا بنص قانون المحاماة المشار اليه انفا
.
ونصت
المذكرة في القسم ( 8 / 2 ) منها على ان
:- ( جميع الاشخاص الذين يقدمون الى المحاكم العراقية بضمنها محكمة الجنايات
المركزية سيكون لهم حق التمثيل من قبل محامي يختارونه بانفسهم ، وفي حالة عدم تمكن
المتهم من توكيل محام فأن المحكمة ستقوم بتوكيل محامي له من ذوي الكفاءة . ) .
وقد اثارت هذه
النصوص فوضى في :-
1- تحديد الدعاوى التي يتوجب انتداب محام للمتهم
فيها ، فهل هي جميع الدعاوى بضمنها المخالفات حسب اطلاق نص المذكرة ( 3 ) لسنة
2003 ام في محاكمة الجناية فقط حسب نص
المادة ( 144 / أ ) الاصولية .
2- كيف تحدد اتعاب المحاماة ، فهل تحددها المحكمة
في ضوء قول المادة ( 144 / أ ) الاصولية :- ( وتحدد المحكمة اتعاب المحاماة عند
الفصل في الدعوى ) وكيف يحل التعارض مع نص المادة الثالثة والستين / 2- اولا – د )
من قانون المحاماة التي حددتها بين الف
الى ثلاثة الاف دينار فقط ، وهذا كله في محاكمة الجنايات فقط ، فما هو الحل في
تحديد اتعاب محاماة المحامي المنتدب في محاكمات الجنح والمخالفات وفي مرحلة
التحقيق لكل اصناف الجرائم .
وبقيت هذه الفوضى
في المفاهيم والنصوص قائمة حتى جاء امر سلطة الاتئلاف المؤقتة المنحلة رقم ( 53 )
لسنة 2004 ([2]) لحل
التعارضات والتدخلات في النصوص المذكورة .
ففي موضوع
نوع الدعاوى التي يتوجب انتداب محام للمتهم فيها حدد القسم ( 2 ) منه وجوب
انتداب محام للمتهم في الجنايات والجنح فقط بقوله :- ( يقتصر حق المتهم في الحصول
على خدمات محامي دفاع تعينه المحكمة على الحالات التي يتهم فيها في ارتكاب جناية
او جنحة ... ) .
اما في موضوع
تحديد اتعاب المحاماة للمحامي المنتدب فأن القسم ( 1 ) منه اعطى ( مجلس القضاء )
سلطة وضع جدول الاتعاب بقوله :- ( بالرغم من اي نص اخر ورد ذكره في القانون ،
يتولى مجلس القضاء وضع جدول الاتعاب التي تدفع للمحامين المعينين بموجب المادة (
144 ) من قانون الاجراءات الجنائية العراقي لسنة 1971 بصيغته المعدلة بموجب
المذكرة ( 3 ) الصادرة عن سلطة الاتئلاف المؤقتة ، ويعلق بموجب هذا الامر العمل
بجدول الاتعاب السابق الوارد في المادة 144 والمادة ( 63 /ج ) من قانون المحاماة
رقم 173 لسنة 1965 او في اي قانون اخر . )
ونص القسم ( 3 )
منه :- ( يجوز لمجلس القضاء التصريح بصرف اتعاب المحامين الذي قدموا خدمات الدفاع
عن المتهمين المعوزين باثر رجعي منذ 18 مارس / اذار عام 2003 . ) .
وقد تطابق هذا
الحكم – فيما يتعلق بالدعاوى التي يتوجب فيها انتداب محام للمتهم – بما ورد في
الدستور في المادة ( 19 / حادي عشر ) التي نصت :- ( تنتدب المحكمة محاميا للدفاع
عن المتهم بجناية او جنحة لمن ليس له محام يدافع عنه ، وعلى نفقة الدولة . ) .
وقد تولى مجلس
القضاء الاعلى استنادا الى صلاحياته بموجب الامر ( 53 ) لسنة 2004 اصدار قرارات حددت اتعاب المحاماة للمحامي
المنتدب او حدودها العليا والدنيا اخرها
اعمام دائرة شؤون القضاة واعضاء الادعاء العام في مجلس القضاء الاعلى المرقم 10891
/ ق / أ في 2 / 12 / 2010 المتضمن :-
( حصلت الموافقة
على ان تكوت نسبة اتعاب المحاماة كما يلي :-
1- ( 25000 ) في مرحلة التحيق وتصرف عند صدور قرار
بالافراج او الاحالة او الغلق .
2- ( 50000 ) دينار في مرحلة
المحاكمة في قضايا الجنايات والجنح التي تخص البالغين والاحداث عند صدور الحكم
بالادانة او الافراج وبعد اكتساب القرار الدرجة القطعية . ) انتهى .
وفي ضوء تلك النصوص فأن
قرار محكمة جنح الجبايش بانتداب محام للدفاع عن المتهم بمخالفة ومنحه خمسين الف
دينار كاتعاب محاماة ، غير صحيح ، ولا اساس له من القانون .
لكن أذا كان المتهم في
المخالفة لا يستحق انتداب محام عنه ولو لم يوكل محاميا ، فما هو مصير جهود المحامي
الذي انتدبته المحكمة للدفاع عن المتهم في مخالفة ، فادى دوره ، وتطلب منه ذلك بعض
وقته ، وبعض جهده ، فهل يستحق المحامي اجورا عن ذلك ام لا ؟ خصوصا وان الخطأ في انتدابه للدفاع عن
المتهم في المخالفة – اذا كان هناك خطأ – انما ارتكبته المحكمة ولم يرتكبه هو .
واذا استحق المحامي
اتعابا فممن يستحقها هل من المتهم الذي دافع عنه ؟ ام من الخزينة العامة ؟ام انه
يستحق تعويضا من السلطة القضائية التي تتبعها المحكمة ؟ وهل القاضي بصفته الشخصية
مسؤول عن الخطأ الذي ارتكبه ، ويحق – بالتالي – للمحامي مطالبته بالتعويض ؟
وكيف تقدر اتعاب المحاماة
المستحقة ؟ او التعويض المستحق في مثل هذه
الحالة ؟ هذه الاسئلة تحتاج الى تناولها
في بحث مستقل .
وعموما – وفي مناسبة
الحديث عن المحامي المنتدب - فان الحقيقة - التي قد يرفض البعض الاعتراف بها - هو
ان تجربة انتداب محام للدفاع عن المتهم في العراق ظلت تجربة شكلية روتينية لا معنى
لها ، وهي لا توفر اي ضمانة للمتهم ، اذ لا يدافع المحامي المنتدب في الاعم الاغلب
عن المتهم الا بطريقة شكلية ، لاسقاط الفرض ، ولذلك اسباب اهمها على الاطلاق مشكلة
مقدار اتعاب المحاماة التي تمنح للمحامي المنتدب والتي يتساوى فيها من يبذل جهودا
ومن لا يبذل جهود من المحامين المنتدبين .
بل وصل الامر ببعض
المحامين المنتدبين الى طلب انزال اقسى العقوبات بالمتهم الذي انتدب للدفاع عنه ،
وهو مشابه الى ما كان يمارس في محكمة الثورة الملغاة سيئة الصيت ، وهو لا يتفق مع
فلسفة انتداب المحامي للدفاع عن المتهم
وكون ذلك حق من حقوق الانسان الاساسية التي لا غنى عنها لتحقيق العدالة على
حد تعبير مقدمة الامر 53 لسنة 2004 .
ثانيا :- احالة الطعن
وتنازع الاختصاص :-
قدم الطعن من نائب المدعي
العام الى محكمة الجنايات بصفتها التمييزية ، الا ان هذه المحكمة اعتقدت بان محكمة
الاستئناف بصفتها التمييزية هي المختصة بنظر الطعن ، فأحالته اليها بكتاب عادي دون
ان تصدر قرار مسبب بذلك ، وهو خطأ اجرائي وقانوني ، لان قرار الاحالة هو قرار
قضائي يتوجب ان يتخذ بذات الالية التي يفصل فيها في الطعون المقدمة الى محكمة
الجنايات بصفتها التمييزية ، فينبغي ان يصدر منها كهيئة تمييزية مكونة من ثلاث
قضاة وليس من رئيس الجنايات لوحده .
وحينما حل الطعن التميزي
في فناء محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية رأت بانه من اختصاص محكمة الجنايات
بصفتها التمييزية وليس من اختصاصها ، فكان يتوجب بها اتخاذ قرار مسبب بذلك ، باعتبارها هيئة مكونة من ثلاثة قضاة ، ولا
يصح لها طلب تعيين المحكمة المختصة بكتاب يوقعه رئيس الاستئناف لوحده .
ولكن ما هو الاساس
القانوني لطلب تعيين المحكمة المختصة بنظر الطعن ؟
هل هو المادة ( 13 ) من
قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدلالتي نصت :- ( اولا :- تتكون هيئات
محكمة التمييز كما يلي :- أ- الهيئة العامة ... ب- الهيئة الموسعة :- ... وتختص
بالنظر في ما يأتي :- ... 2 النزاع الحاصل حول تعيين الاختصاص في نظر الدعوى الذي
يقع بين محكمتين . ... ) .
لكن هذا النص انما يتحدث
عن تعيين الاختصاص في نظر ( الدعوى ) ، في حين ان النزاع محل البحث كان نزاعا حول
المحكمة المختصة بنظر ( الطعن التمييزي ) وليس نزاعا حول المحكمة المختصة بنظر
دعوى .
والحقيقية ان النزاع المبحوث
هو نزاع واقع بين محكمتين كلاهما تعد بمثابة محكمة تمييز بالنسبة للطعن التمييزي
محل النزاع ، اي انه نزاع بين محكمتين احلهما القانون محل محكمة التمييز في نظر
بعض الطعون التمييزية ([3]).
فهل تختص محكمة التمييز
في تعيين المحكمة المختصة في مثل هذا النزاع ؟ وهل هناك نص اخر – غير نص المادة (
13 ) من قانون التنظيم القضائي – يمكن الاستناد اليها لفض هذا التنازع ؟
ليس في النظام القانوني
العراقي نص صريح للفصل في هذا النوع من التنازع ، الذي اسميه مجازا :- ( تنازع
المحاكم المختصة بنظر الطعون التمييزية ) ، الا ان المادة ( 93 ) من الدستور التي
حددت اختصاصات المحكمة الاتحادية اشارت الى سلطة لها في الفصل في تنازع نوعين من
الاختصاص القضائي اذ نصت :- ( تختص المحكمة التحادية العليا بما يأتي :- ... ثامنا
:- أ- الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي ، والهيئات القضائية للاقاليم
والمحافظات غير المنتظمة في اقليم . ب- الفصل في تنازع الاختصاص فيما بين الهيئات
القضائية للاقاليم او المحافظات غير المنتظمة في اقليم . ) .
الا ان هذين الاختصاصين
يتحدثان عن الفصل في التنازع بين القضاء الاتحادي من جهة والقضاء الاقليمي او المحلي
من جهة اخرى في الفقرة ( أ ) في حين يتحدث في الفقرة ( ب ) عن الفصل في تنازع
الاختصاص بين القضاء الاقليم وقضاء المحافظة غير المنتظمة في اقليم ، في حين ان التنازع محل البحث هو تنازع بين
نوعين من المحاكم الاتحادية ، اذ ان محكمة
الجنايات محكمة اتحادية ومحكمة الاستئناف محكمة اتحادية ايضا .
لذا فلا مناص من الى
الرجوع الى محكمة التمييز للفصل في هذا النوع من تنازع الاختصاص القضائي الاتحادي
، باعتبارها محكمة القانون العليا في البلاد ، وليس استنادا الى نص المادة ( 13 /
اولا :- ب ) من قانون التنظيم القضائي لانقطاع صلة هذا النص بالموضوع ، ولابد من
وضع نص صريح في قانون السلطة القضائية - الذي نأمل اعداده وتشريعه في وقت قريب - لمعالجة هذا الموضوع .
ثالثا :- فصل محكمة
التمييز في طعن تمييزي لم يوجه ولم يحال اليها :-
فصلت محكمة التمييز
الاتحادية في الطعن التمييزي محل البحث ، رغم انها لم يرفع اليها ، ولم يحال عليها
من المحكمة التي رفع اليها ، فهو موجه الى محكمة الجنايات بصفتها التمييزية ، وقد
احالته الى محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية حسب الاختصاص . واودعته هذه الاخيرة
الى محكمة التمييز لتعيين المحكمة المختصة فكيف تسنى لمحكمة التمييز النظر به
والفصل فيه ؟
فالاصل ان العرائض
والطلبات والطعون لا تنظر الا من رفعت او وجهت اليه ، فصاحب الطلب او الطعن هو
صاحب الحق في توجيه طلباته الى من يشاء ولا حق لغير من وجه الطلب او الطعن اليه في
نظره مطلقا ، فاذا قضى هذا بعدم اختصاصه ، فعليه احالته الى الجهة المختصة ،
حينذاك يحق لهذه الجهة نظر الطلب او الطعن رغم انه لم يوجه اليها ، لانه احيل
عليها من الجهة التي وجه اليها الطعن او الطلب .
في حين ان محكمة التمييز
نظرت في طعن لم يرفع اليها ولم يحال عليها وهو خطأ اجرائي وقانوني ظاهر . ولا يقال
انها نظرته لانه احيل عليها من محكمة الاستئناف لان هذه الاخيرة انما احالته
لتعيين المحكمة المختصة وليس للفصل في الطعن . وكان يحق لمحكمة التمييز الفصل فيها
لو انها قضت بانها هي المحكمة المختصة للنظر فيه ، حين ذاك كان يحق لها نظره
والفصل فيه ، اما وانها لم يقضي بكونها المحكمة المختصة بنظر الطعن فلا حق لها في
الفصل فيه . وكان يتوجب بها الاكتفاء بتحديد المحكمة المختصة فقط .
رابعا :- رد الطعن
التمييزي لعدم الاختصاص :-
لو تجاوزنا ما اشارنا
اليه في الفقرة السابقة ، وافترضنا ان الطعن التمييزي مقدم الى محكمة التمييز ،
وان لها سلطة الفصل فيه ، لوجدنا انها انتهت الى القول بانها غير مختصة بنظر الطعن
التمييزي على حكم محكمة الجنح الصادر في المخالفة ، وان الاختصاص فيه انما ينعقد
لمحكمة الاستئناف بصفتها التمييزية ، وقررت رد اللائحة التمييزية .
في حين ان المحكمة اذا
قضت بعدم اختصاصها في نظر دعوى او طعن توجب بها احالة الدعوى او الطعن الى المحكمة
المختصة ، تطبيقا للقواعد العامة ، وهو ما
استقر عليه القضاء – بضمنها محكمة التمييز الاتحادية نفسها - منذ امد بعيد ولا زال
، الا في هذا القرار الغريب ، الذي سيرتب انهاء الطعن دون ان يفصل فيه موضوعا وهي
نتيجة لا يمكن قبولها .
خامسا :- المحكمة المختصة
بنظر الطعن التمييزي على حكم محكمة الجنح في المخالفة :-
قضت محكمة التمييز في
القرار التمييزي المبحوث فيه بان المحكمة المختصة في نظر الطعن التمييزي على حكم
محكمة الجنج في المخالفة ينعقد لمحكمة الاستئناف بصفتها التمييزية استنادا الى
قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 104 لسنة 1988 .
والحقيقة ان الفقرة (
اولا ) من القرار المذكور نصت :- ( تختص محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية بالنظر
في الاحكام والقرارات الصادرة من محاكم الجنح ومحاكم الاحداث في دعاوى الجنح ) .
فهي تتحدث عن اختصاص
محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية في النظر في الطعون التمييزية التي تقدم في
الاحكام والقرارات الصادر في دعاوى الجنح من محكمتي الجنح والاحداث ، وهذا منققطع
الصلة بالاحكام والقرارات التي تصدرها محاكم الجنح في المخالفات ، لان هذه بقيت
خاضعة للطعن فيها بالتمييز امام محكمة الجنايات بصفتها التمييزية طبقا للمادة (
265 ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية التي نصت :- ( أ- يجوز الطعن تمييزا امام
حكمة الجنايات من ذوي العلاقة المنصوص عليهم في المادة ( 249 ) في الاحكام
والقرارات والتدابير الصادرة من محكمة الجنح في دعاوى المخالفات وفي القرارات
الصادرة من قاضي التحقيق ... ) .
فتكون محكمة التمييز
الموقرة قد وقعت في ثلاثة اخطاء جسيمة في قرار تمييزي واحد هي :-
1- انها فصلت في طعن تمييزي لم يرفع اليها ولم يحال
عليها . بل اودع لها لتحديد المحكمة المختصة .
2- انها قضت بعدم اختصاصها بنظر الطعن التمييزي ،
لكنها قررت رده لعدم الاختصاص ، بدل احالته الى المحكمة المختصة .
3- اخطأت في تحديد المحكمة المختصة بنظر الطعن
التمييزي على الاحكام الصادر من محاكم الجنح في المخالفات فذهبت الى انها محكمة
الاستئناف بصفتها التمييزية ، رغم ان الصحيح هو محكمة الجنايات بصفتها التمييزية .
[1] -
نصت المادة ( 495 ) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 :- ( يعاقب بالحبس مدة لا
تزيد على شهر وبغرامة لا تزيد على عشرين دينارا :- اولا :- من الهب بغير اذن
العابا نارية او نحوها في الجهات التي يمكن ان ينشأ عن الهابها فيها اتلاف او خطر
او ضرر . ... ) .
[2] - منشور
في الوقائع العراقية رقم 3981 في مايس / 2004 .واعتبر نافذا - حسب القسم 4
منه - منذ التوقيع عليه في 18 يناير /
كانون الثاني / 2004 .
[3] - نص قرار مجلس قيادة
الثورة المنحل رقم 104 لسنة 1988 المعدل بالقرار 98 لسنة 1992 :- ( اولا :- تختص
محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية بالنظر بالطعن في الاحكام والقرارات الصادرة من
محاكم الجنح ومحاكم الاحداث في دعاوى الجنح . ثانيا :- تكون لمحكمة الاستئناف عند
النظر في الاحكام والقرارات المذكورة في الفقرة ( اولا ) من هذا القرار الصلاحيات
المقررة لمحكمة التمييز بموجب قانون اصول المحاكمات الجزائية .) . ونصت المادة (
265 ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل :- ( أ- يجوز
الطعن تمييزا امام محكمة الجنايات ... في دعاوى المخالفات وفي القرارات الصادرة من
قاضي التحقيق خلال ثلاثين يوما من اليوم التالي لتاريخ صدورها . ... د- يكون
لمحكمة الجنايات في الحالات المبينة في هذه المادة السلطات المقررة لمحكمة التمييز
بما يتلائم مع هذه الاحكام والقرارات وتكون قراراتها في ذلك باتة . ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق