الخميس، 22 مارس 2018


 القضاء على اشكال التمييز ضد المرأة في القانون العراقي
                                                                                                              
اولا- حق تأديب الزوجة
نصت المادة ( 41 ) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 :- ( لا جريمة اذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ، ويعتبر استعمالا للحق :- 1- تأديب الزوج زوجته وتأديب الاباء والمعلمين ومن في حكمهم الاولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعا او قانونا او عرفا .2- ... )
يذهب البعض الى ان الحق في تأديب الزوج زوجته يستند الى قوله تعالى في الاية ( 34 ) من سورة النساء :- ( ... واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ، فأن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا .. ) الا ان لهذا النص عيوب منها :-
1-     انه يخل بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة ، وهو مخالفة لحكم المادة ( 14 ) من الدستور لانه تمييز بسبب الجنس .
2-     ان حق التأديب بالضرب يهين انسانية المرأة ، خاصة ان في النساء عالمة او طبيبة او محامية او استاذة جامعية .
3-     انه يؤمن تخريج فقهي للاعتداء على المرأة وضربها باسم التأديب .
4-     انه مدعاة للتمايز الطبقي لانه لا يمارس فعليا الا على النساء الضعيفات او التي ينتمين الى عوائل فقيرة او غير نافذة .
5-     ان النص لم يقصر حق التأديب في حدود ما اقرته الشريعة الاسلامية ، بل وسعه ليشمل ما يقره العرف بقوله في اخره :- (... في حدود ما هو مقرر شرعا او قانونا او عرفا ) ، وذلك يجعل هذا الحق منتهكا لكرامة المرأة ، واعتداء صارخ عليها لان العرف في العراق اقر للزوج ضرب زوجته واهانتها والمس بكرامتها بسبب وبلا سبب وهذا غير مقبول لا شرعا ولا عقلا ، ويتعارض مع المعايير الدولية .
الحلول المقترحة :- اربع خيارات :-
1-     الابقاء على النص .
2-     الغاء النص في حدود حق التأديب ، برفع عبارة ( تأديب الزوج زوجته ) من صدر الفقرة ( 1 ) من المادة ( 41 ) من قانون العقوبات ، الا ان هذا الحل سيبقي حق تأديب الزوج زوجته قائما رغم رفعه من النص، لان المحاكم سـتلتزم بالاخذ به من نصوص الشريعة الاسلامية ، وقد تتوسع في الاخذ به طبقا لما يقره العرف ايضا ، على اعتبار ان العرف والشريعة الاسلامية مصدرين للقاعدة القانونية في كل ما لم يرد فيه نص .
3-     الابقاء على الحق لكن في حدود مفهومه في الشريعة الاسلامية دون العرف ، مع وضع معايير محددة له تقيده في حدوده الدنيا ، وفقا لافضل الاراء الفقهية ، التي تؤمن الالتزام بالمعايير الدولية وتحفظ للمرأة كرامتها وتمنع الاعتداء عليها بأسم التأديب . 
4-     الابقاء على حق التأديب مع إقرانه او تقييده بجزاءات تعتبر مخاطر مقابل ممارسته من قبل الزوج مثل فقدان الزوج لزوجته بالتفريق .
ثانيا- جرائم غسل العار كباعث شريف
نصت المادة ( 128 ) من قانون العقوبات :- ( 1- ... يعتبر عذرا مخففا ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة او بناءا على استفزاز خطير من المجنى عليه بغير حق )
وقد استقر القضاء العراقي على اعتبار ( القتل او الشروع به غسلا للعار ) جريمة بباعث شريف، متى ما وقع من احد اقارب المجنى عليه او عليها ، ويقصد بغسل العار قتل ( من اتهم بممارسة الزنا او اللواط ذكرا كان ام انثى ) من قبل ذويه كالاب او الجد او الام او الاخ او الاخت او الابن او البنت او حتى العم او ابن العم .
الا ان للباعث الشريف مفهوم واسع لا يقتصر على غسل العار ، لذا فأن الحلول المقترحة هي :-
1-     تقييده بحالة واحدة فقط هي ( تعرض الجاني للتهديد بايذاء جسدي خطير ) . مقترح السيد سوجي / المعهد الجمهوري .
2-     ايراد نص صريح بفقرة اضافية فــــــي نفس المادة يمنع من اعتبار ( القتل او الشروع به غسلا للعار ) جريمة بباعث شريف .
ثالثا- زنا الزوجية
نصت المادة ( 377 ) من قانون العقوبات :- ( 1- تعاقب بالحبس الزوجة الزانية ومن زنا بها ويفترض علم الجاني بقيام الزوجية ما لم يثبت من جانبه انه لم يكن في مقدوره بحال العالم بها .2- ويعاقب بالعقوبة ذاتها الزوج اذا زنا في منزل الزوجية ) .
ولم يساو هذا النص بين الرجل والمرأة في الامور الاتية :-
1-     انه جرم زنا الزوجة اينما زنت ، في منزل الزوجية او خارجه ، ولم يجعل زنا الرجل ( الزوج ) جريمة الا اذا وقع في منزل الزوجية فقط .
2-     انه نص على تجريم شريك الزوجة الذي زنا بها في جريمة زنا الزوجة، الا انه لم يجرم شريكة الرجل الزاني .
وفي نفس السياق تضمنت المادتان ( 378 ) و ( 379 ) من قانون العقوبات التي تعالج نفس الجريمة صورا اخرى للتمييز بين الرجل والمرأة امام القانون في المواضع التالية :-
1-     ابقى في عجز الفقرة ( 2) من المادة ( 378 ) الحق للرجل في تحريك شكوى الزنا ضد المرأة حتى بعد اربعة اشهر من طلاقها ، اي للرجل تحريك الشكوى عليها اذا زنت خلال العدة الشرعية للطلاق بغض النظر عن كون الطلاق بائنا او رجعيا ، ولا حق للمرأة في تحريك الشكوى ضد الرجل اذا ما زنا في نفس الفترة .
2-     اعطى الحق للرجل بمنع السير في تنفيذ الحكم على زوجته الزانية في الفقرة ( 2 ) مــن المادة ( 379 ) ، ولم تعط الزوجة مثل ذلك الحق .
ولم تجوز المادة ( 378 / 1-ج ) قبول الشكوى :- ( اذا ثبت ان الزنا تم برضا ( الزوج ) الشاكي ) .
الحل المقترح :- تعديل النصوص بما يؤمن المساواة بين الرجل والمرأة امام القانون في جريمة زنا الزوجية ، ويضعهما على صعيد واحد في مواجهة هذه الجريمة .
رابعا- التحريض على الزنا
نصت المادة ( 380 ) من قانون العقوبات :- ( كل زوج حرض زوجته على الزنا فزنت بناء على هذا التحريض يعاقب بالحبس )
وعليها الملاحظات الاتية :-
1-     انه لم يجرم تحريض الزوج زوجته على الزنا الا اذا زنت بناء على هذا التحريض ، اي يظل فعل تحريض الزوج زوجته على الزنا فعلا مباحا الا اذا استجابت الزوجة فزنت ، وهذا لا يوفر اي حماية للمرأة التي يضغط عليها زوجها للقيام بفعل الزنا ( لاي سبب كالفقر او الاستهداف السياسي او الشخصي ) قبل ان تزني ، وهو امر غير مقبول .
2-     ان العقوبة التي فرضها النص على هذه الجريمة الخطيرة ( وهي عقوبة الحبس ) خفيفة جدا في حدها الادني ، لان الحبس يتراوح بين ( 24 ) ساعة وخمس سنوات فقط  .
3-     ان المشرع العراقي لم يجرم تحريض الرجال نساء اسرهم - من غير الزوجة - على الزنا كالام والبنت والاخت ، خاصة وان للرجال سطوة وسلطة عرفية قوية على اقاربهم من النساء في المجتمع العراقي .
الحل المقترح :- تعديل النص بما يؤمن تجريم تحريض الزوج زوجته وتحريض الرجل اخته او امه او بنته على الزنا سواء وقع الزنا ام لم يقع ، وتشديد العقوبة في حدها الاني بأن تكون الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات . واضافة غرامة مالية كبيرة لان اسباب التحريض على الزنا غالبا ما تكون اسبابا اقتصادية .
خامسا- زواج المغتصب للمجنى عليها
نصت المادة ( 398 ) من قانون العقوبات :- ( اذا عقد زواج صحيح بين مرتكب احدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المجنى عليها اوقف تحريك الدعوى والتحقيق فيها والاجراءات الاخرى واذا صدر حكم في الدعوى اوقف تنفيذ الحكم . وتستأنف اجراءات الدعوى او التنفيذ – حسب الاحوال – اذا انتهى عقد الزواج بطلاق صادر من الزوج بغير سبب مشروع او بطلاق حكمت به المحكمة لاسباب متعلقة بخطأ الزوج او سوء تصرفه ، وذلك قبل انقضاء ثلاث سنوات على وقف الاجراءات ، ويكون للادعاء العام وللمتهم وللمجنى عليها ولكل ذي مصلحة طلب وقف تحريك الدعوى والتحقيق والاجراءات وتنفيذ الحكم او طلب استئناف سيرها او تنفيذ الحكم – حسب الاحوال . )
ويقصد بـ ( الجرائم الواردة في هذا الفصل ) هي جرائم 1- الاغتصاب 2- اللواط 3- هتك العرض الواردة في الفصل الاول من الباب التاسع / الكتاب الثاني من قانون العقوبات المعنون ( الجرائم المخلة بالاخلاق والاداب العامة ) في المواد من ( 393 - 398 ) .
وورد نفس هذا الحكم بنفس العبارات في المادة ( 427 ) من قانون العقوبات بشأن جرائم القبض على الاشخاص وخطفهم وحجزهم في المواد 421 – 427 في الفصل الاول من الباب الثاني / الكتاب الثالث من قانون العقوبات .
ومحاسن الاخذ بهذا النص :-
1-     انه يشكل مخرجا اضطراريا للانثى التي اعتدي عليها بالاغتصاب او اللواط او الاختطاف .
2-     انه يتوافق مع اعراف المجتمع .
اما عيوبه فهي :-
1-     انه شكل من اشكال الافلات من العقاب .
2-     انه يؤثر سلبا في تحقيق الردع العام في الجرائم التي يشملها ، لانه يشجع على ارتكاب افعال الاغتصاب واللواط والخطف على امل الخلاص بزواج المجنى عليها لثلاث سنوات فقط .
3-     ان الزواجات التي تقع طبقا لهذا النص هي زواجات اكراه في حقيقيتها - على الاغلب – بالنسبة لكلا الطرفين ، اما لضغط اجتماعي او عشائري او عرفي .
4-     انه حل يفقد النصوص العقابية قيمتها في حماية المرأة وحفظ كرامتها والاقتصاص ممن اعتدى عليها ، خاصة وان بعض صوره تتعلق باغتصاب القاصرات او اللواط بهن .
5-     ان الزواجات التي تقع طبقا لهذا النص لا تقوم على اسس اجتماعية ولا عاطفية ولا انسانية صحيحة ، فهي لا تقوم على السكينة والالفة والمودة المفترضة في زواج لحياة مشتركة .
6-     كما ان تلك الزواجات مخالفة لاحكام الشريعة الاسلامية ، اذ يذهب كثير من الفقهاء الى تحريم زواج الزاني ممن زنا بها مطلقا .
الحل المقترح :- خيارين :-
1-     الابقاء على النص .
2-     الغاءه نهائيا .  
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق