اخطر خروفات حرية التعبير في العراق / جرائم ( اهان )
تضمن قانون العقوبات ( 5 ) مواد هي ( 202 و 225 و 226
و227 و229 ) استخدمت الفعل ( اهان ) كفعل مادي لعدد من الجرائم اذا ما وقعت على
جهات او مؤسسات او سلطات او شاغلي مناصب معينة
، فنصت :-
نصت المادة ( 202 ) من قانون العقوبات :- ( يعاقب بالسجن
مدة لا تزيد على عشر سنين او الحبس كل من اهان باحدى طرق العلانية الامة العربية
او الشعب العراقي او فئة من سكان العراق او العلم الوطني او شعار الدولة . ) .
المادة ( 225 ) :- ( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او
بالحبس من اهان باحدى طرق العلانية رئيس الجمهورية او من يقوم مقامه قانونا . )
المادة ( 226 ) :- ( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع
سنوات او بالحبس او الغرامة من اهان باحدى
طرق العلانية مجلس الامة او الحكومة او المحاكم او القوات المسلحة او غير ذلك من
الهيئات النظامية او السلطات العامة او المصالح او الدوائر الرسمية وشبه الرسمية.
)
المادة ( 227 ) :- ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين
او بغرامة لا تزيد على مائتي دينار كل من اهان باحدى طرق العلانية دولة اجنبية او
منظمة دولية لها مقر بالعراق او اهان رئيسها او ممثلها لدى العراق او اهان علمها
او شعارها الوطني متى كانا مستعملين على وجه لا يخالف قوانين العراق . ) .
المادة ( 229 ) :- ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين
او بغرامة لا تزيد على مائتي دينار كل من اهان او هدد موظفا او اي شخص مكلف بخدمة
عامة او مجلسا او هيئة رسمية اثناء تأدية واجباتهم او بسبب ذلك . )
فتلك المواد تجرم الفعل المادي ( اهان ) اذا ما وقع على
الجهات الاتية :-
1-
امم وشعوب وجماعات :- وهي أ- الامة العربية . ب- الشعب العراقي
. ج- فئة من سكان العراق .
2-
اشياء :- أ- العلم الوطني . ب- شعار الدولة .
3-
شاغلي المناصب :- أ- رئيس الجمهورية او من يقوم مقامة . ب-
اي موظف او مكلف بخدمة عامة .
4-
سلطات ومؤسسات وطنية :- أ- مجلس الامة . ب- الحكومة . ج-
المحاكم . د- القوات المسلحة . ه- اي هيئة نظامية او سلطة عامة او مصلحة او دائرة
رسمية او شبه رسمية .
5-
جهات غير وطنية :- أ- دول اجنبية . ب- منظمة دولية لها
مقر في العراق . ج- رئيس الدولة او المنظمة الدولية او ممثلها في العراق د- علم
الدولة او المنظمة الدولية . ه- شعار الدولة الوطني .
فأذا وقعت الاهانة على ايا من الجهات المذكورة نهضت
الجريمة بشرط ان تكون الاهانة باحدى طرق العلانية .
و ( اهان ) الشخص :- اذله واحتقره واستخف به ، والاهانة
هي شتيمة فيها احتقار واذلال .
لكن هل يعد انتقاد صفات الشعوب او الجماعات المعيبة
اهانة لها ، وهل يعد فضح قضايا مسكوت عنها لديها اهانة لها ، وهل يعد انتقاد
ممارسات الرئيس وفضح فساده وخروقاته او الحديث في تاريخه غير المشرف اهانة له ،
وهل انتقاد المؤسسات العامة وفضح الفساد داخلها او تقييم اعمالها ونقد ممارستها
واساليب عملها وتشخيص فشلها اهانة لها ؟؟؟
اشارت المادة ( 19 / 3 ) من قانون العقوبات :- الى بعض ما يعد من وسائل العلانية وهي :-
أ-
الاعمال او الاشارات او الحركات اذا حصلت في طريق عام او
محفل عام او مكان مباح او مطروق او معرض لانظار الجمهور او اذا حصلت بحيث يستطيع
رؤيتها من كان في مثل ذلك المكان او اذا انتقلت اليه بطريقة من الطرق الالية .
ب-
القول او الصياح اذا حصل الجهر به او ترديده في مكان
مماذكر او اذا حصل الجهر به او ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان في مثل ذلك المكان
او اذا اذيع بطريقة من الطرق الالية وغيرها بحيث يسمعه من لا دخل له في استخدامه .
ج- الصحافة والمطبوعات الاخرى وغيرها من وسائل الدعاية
والنشر .
د- الكتابة والرسوم والصور والاشارات والافلام ونحوها
اذا عرضت في مكان مما ذكر او وزعت او بيعت الى اكثر من شخص او عرضت للبيع في اي
مكان .
وعموما فان ( الاهانة ) فعل يجمع في معناه كم هائل من
الافعال والممارسات ، وهو يرتبط بقيم واعراف مجتمعية غير مستقرة وغير واضحة ، بل
يرتبط احيانا بقيم شخصية وذاتية عند الجاني وعند المجنى عليه لذا فأنه لفظ عائم
وليس له معيار يضبطه .
يضاف الى ذلك فأن النصوص المذكورة وجهت حمايتها الى جهات
افتراضية ليس مثل ( الامة العربية ) و ( الشعب العراقي ) بل وجهت الحماية ايضا الى
شخصيات معنوية او دوائر وهذه لا وجود فعلي لها انما يفترض القانون وجودها
خيالا كالحكومة والدوائر الرسمية والهيئات
وغيرها من الشخصيات المعنوية ، وحيث ان الاهانة يفعل يمس الكرامة والمشاعر في حين
ان تلك الجهات لا مشاعر لها لانها شخصيات افترضة .
كما ان النصوص ركزت على حماية شاغلي المناصب اضافة
لوظائفهم كرئيس الجمهورية والموظف او المكلف بخدمة عامة، فكأنها تريد منع انتقادهم
وتشخيص عيوبهم وفشلهم واخفاقاتهم ، او فضح فسادهم وومارستهم المخالفة للقانون وهو
امر لا يتفق مع مبادئ الحكم الرشيد وحرية التعبير والانتقاد ، خصوصا لشاغلي
المناصب العامة التي يتوجب بالقوانين فتح الباب على مصراعية امام انتقادهم وتشخيص
عيوبهم وفضح ممارستهم المخالفة للقانون وفسادهم .
لكل ذلك فأن تجريم ( الاهانة ) بتلك الصيغة الواردة في
النصوص المذكورة خرقا كبيرا لحرية الكلام ، وهو قد يكون اداة لتكميم الافواه
ومصادرة حرية التعبير والاعلام ومنع انتقاد المؤسسات العامة او شاغلي المناصب من
خلال التوسع في تفسيره .
لذا يتوجب الغاء هذه النصوص جميعا ، وترك موضوع الاهانة لمعالجته مدنيا بالتعويض
ان كان له مقتضى وفقا لاحكام القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 .
ويذكر بان اقليم كوردستان اوقف العمل بالمواد 202 و 225
و227 من قانون العقوبات بموجب القانون الكوردستاني رقم 21 لسنة 2003 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق