الخميس، 22 مارس 2018


التعليق على قرار قضائي
المصاريف واتعاب المحاماة في دعوى الاستملاك
قضت محكمة بداءة الكرادة بالعدد 4 / استملاك / 2004 في 15 / 5 / 2006 :- ( بنزع ملكية مساحة قدرها دونم واحد واربعة عشر اولك وتسعين مترا مربعا من العقار المرقم ( 371 / زوية ) وفقا لموقعها في خريطة الاستملاك المؤرخة5 / 11 / 2001 المعلمة بالحرف ( أ ) فيها ،  من المستملك منه ، وتسجيله باسم المستملك ( امانة بغداد ) لدى دائرة التسجيل العقاري المختصة بعد تسديد بدل اســــــتملاكه البالغ ( 798.000.000) سبعمائة وثمانية وتسعين مليون دينار عراقي مع المصاريف في صندوق المحكمة نقدا ، واعتبار خريطة الاستملاك المؤرخة 5 / 11 / 2001 جزاءا من هذا القرار ، وتحميل المستملك منه مصاريف الدعوى الاستملاكية واتعاب محاماة وكيل المستملك مبلغا قدره ( 8.000 ) ثمانية الاف دينار ) .
فطعن بالحكم وكيل المستملك فقضت محكمة استئناف بغداد – الرصافة بصفتها التمييزية بتصديقه بالعدد 1052 / م / 2006 في 27 / 6 / 2006 لـ :- ( انه صحيح وموافق للقانون للاسباب والحيثيات التي استند اليها لذلك قرر تصديقه ورد الطعون التمييزية وتحميل المميز رسم التمييز ... )
الا ان الحكم تضمن عيبان مهمان في فقرته الحكمية المصدقة :-
 الاول :- انه تضمن تعارضا في موضوع المصاريف فهو في بدء الفقرة الحكمية الـــزم ( المستملك ) بايداع المصاريف مع بدل الاستملاك في صندوق المحكمة بقوله :- ( وتسجيله باسم المستملك ( امانة بغداد ) لدى دائرة التسجيل العقاري المختصة بعد تسديد بدل اســــــتملاكه البالغ ( 798.000.000) سبعمائة وثمانية وتسعين مليون دينار عراقي مع المصاريف في صندوق المحكمة نقدا ) ، في حين عاد فــي نهاية الفقرة الحكمية فحمل ( المستملك منه ) المصاريف بقوله :- ( وتحميل المستملك منه مصاريف الدعوى الاستملاكية واتعاب محاماة وكيل المستملك مبلغا قدره ( 8.000 ) ثمانية الاف دينار ) ، وكان يتوجب  ان يكتفى بالزام ( المستملك ) بايداع كل المصاريف في صندوق المحكمة ، لان ( المستملك ) هو من يتحمل المصاريف مهما كانت نتيجة دعوى الاستملاك طبقا لحكم المادة ( 15 / اولا ) من قانون الاستملاك رقم رقم ( 12 ) لسنة 1981 التي نصت :- ( يدفع المستملك  بدل الاستملاك مع المصاريف الى المحكمة نقدا في حالة التعويض النقدي . ) كما نصت المادة ( 56 ) منه :- ( يتحمل المستملك الرسوم والمصاريف المترتبة على الاستملاك عند سحب الطلب او الغاء قرار الاستملاك . ) ، وهذا حكم خاصة بالدعوى الاستملاكية اذ يتحمل ( المستملك ) دائما مصاريفها مهما كانت النتيجة سواء بالاستجابة لطلب الاستملاك او برده او بابطاله  ، بخلاف الحال في سواها من الدعاوى التي يتحمل مصاريفها من خسرها ، بغض النظر عنه كونه مدع او مدعى عليه . 
الثاني :- اما العيب الثاني فهو ان الحكم قضى باتعاب محاماة لوكيل ( المستملك ) علـــى ( المستملك منه ) مبلغا مقداره ( 8.000 ) دينار ، في حين كان يتوجب ان يحكم باتعاب المحاماة لوكيل ( المستملك منه ) على ( المستملك ) ، لان اتعاب المحاماة جزء من المصاريف ، وذكرنا ان المصاريف في الدعوى الاستملاكية يتحملها ( المستملك ) مهما كانت نتيجة الدعوى .
فدعوى الاستملاك ، وهي من الدعاوى المعفاة من الرسم ، حدد البند ( اولا / ج ) من الفقرة ( 2 ) من المادة الثالثة والستين من قانون المحاماة رقم173 لسنة 1965 المعدل مقدار اتعاب المحاماة التي يحكم بها في حالة اصدار الحكم بنزع ملكية العقار بنسبة ( 5% ) من قيمة البدل المحكوم به على ان لا يقل عن الفي دينار ، ولا يزيد على ثمانية الاف دينار ، فهي ليست ما الدعاوى التي يحكم بمناسبتها باتعاب محاماة وفقا للقاعدة العامة الواردة في البند ( اولا / أ ) من الفقرة ( 2 ) من المادة الثالثة والستين من قانون المحاماة بنسبة 10% من قيمة المحكوم به على ان لا يزيد على ( 150 ) الف دينار ([1])، بل هي استثناء منها ، فيحكم بها باتعاب محاماة عنها بنسبة 5% من قيمة البدل الحكوم به على ان لا تقل عن ( 2000 ) دينار ولا تزيد ( 8000 ) دينار . وهذه يحكم بها ( للمستملك منه ) على ( المستملك ) اي للمدعى عليه في دعوى الاستملاك على المدعي فيها ، رغم ان المدعي ( المستملك ) هو من ربح الدعوى فاستجابة المحكمة لطلبه فنزعت ملكية العقار جبرا على المدعى عليه ( المستملك منه ) ، وهذا حكم خاص لدعوى الاستملاك ، اذ ان القاعدة ان التي نصت عليها المادة ( الثالثة والستين / 1 ) من قانون المحاماة هو ان يحكم لمن ربح الدعوى على من خسرها باتعاب محاماة بالنسب المحددة قانونا ، بقولها :- ( تحكم المحكمة ولو بغير طلب على من خسر الدعوى كلا او جزءا باتعاب محاماة عما خسره لخصمه الذي احضر عنه محام ، ويعتبر من ابطلت الدعوى بناء على طلبه بحكم من خسرها فيما يتعلق باتعاب المحاماة ) . الا ان الدعوى الاستملاكية مستثناة من حكم هذه القاعدة فيحكم باتعاب المحاماة فيها للمدعى عليه ( المستملك منه ) على المدعي ( المستملك ) مهما كانت نتيجة الدعوى ، اي ولو كان المدعى عليه ( المستملك منه ) هو الخاسر للدعوى الاستملاك .  
ولم يحدد النص مقدار الاتعاب في حالة ما اذا قضت المحكمة برد دعوى الاستملاك او ابطال عريضتها بناء على طلب المستملك ، وليس من حل في هذا الفرض الا الحاق دعوى الاستملاك بالدعاوى غير المحدودة القيمة ، شأنها شأن الدعاوى التابعة لرسم مقطوع ، والحكم فيها باتعاب محاماة بمبلغ مقطوع لا يقل عن الف دينار ولا يزيد على عشرة الاف دينار ، ويلحق بهذا الفرض ، فرض نزع  المحكمة ربع مساحة العقار بلا بدل ، اذ تحكم فيها المحكمة باتعاب محاماة على المستملك ، وكأن الدعوى غير محدودة القيمة ([2])، في فرض عدم اجراء الكشف على العقار من قبل هيئة التقدير ، وتقدير قيمة العقار ، قبل طلب سحب الاستملاك ([3])او ابطال عريضة طلب الاستملاك ، اما اذا كانت هيئة التقدير قد اجرت الكشف وقدرت القيمة فيحكم باتعاب المحاماة لوكيل المستملك منه بنسبة 5 % من تلك القيمة على ان لا تقل عن الفي دينار ولا تزيد على ثمانية الاف دينار ([4]).
ولكن تلك الاحكام التي سقناها انفا خاصة بـ ( دعوى الاستملاك ) ولا تشمل كل ( الدعاوى الاستملاكية ) والمقصود بـ ( دعوى الاستملاك ) هي الدعوى التي يطلب فيها نزع ملكية العقار وتسجيلها باسم الجهة الحكومية بغض النظر عن كونها مقامة من الجهة الحكومية او مالك العقار اما ( الدعوى الاستملاكية ) فانها تشمل جميع الدعاوى والمنازعات الناشئة عن تطبيق قانون الاستملاك ومنها ( دعوى الاستملاك ) كما تشمل دعاوى اخرى كدعوى الغاء الاستملاك وطلب التعويض عن عدم ايداع البدل في صندوق المحكمة رغم مضي ثلاثة اشهر ، ودعوى المطالبة بالتعويض اذا ادى تنفيذ المشروع الى اضرار مادية بعقار لم يمسه الاستملاك ، ودعوى استراد العقار او تمليكه في حالة استمرار وضع اليد عليه لمدة تزيد على سنتين ولم تطلب الجهة المستولية عليه استملاكه وغيرها من الدعاوى المنصوص عليها في قانون الاستملاك . فغير ( دعوى الاستملاك ) من ( الدعاوى الاستملاكية ) تخضع للقاعدة العامة في ان مصاريفها بضمنها اتعاب المحاماة عنها يتحملها من يخسر الدعوى ولو كان المستملك منه ، وان مقدار اتعاب المحاماة التي يحكم بها بمناسبة تلك الدعاوى تخضع للقواعد المنصوص عليها في المادة الثالثة والستين من قانون المحاماة سوى النص الخاص بـ ( دعوى الاستملاك ) فيها وهو البند ( اولا / ج ) من الفقرة ( 2 ) منها .  
ومع ان الحكم المصدق تضمن العيبين اللذين اشرنا اليهما ، الا ان القرار التمييزي الذي صدقه لم يتضمن خطأ ينسب اليه ، لان وجود العيبان المذكوران لا يجيز نقض الحكم ، اذا ما تعارض النقض مع قاعدة ( لا يضار الطاعن بطعنه ) ، فالذي طعن في الحكم المصدق هو ( المستملك ) ولم يطعن به ( المستملك منه ) ، فلا يجوز نقض الحكم اذا ما كانت نتيجة النقض تضر بالطاعن ( المستملك ) ، لذا فان محكمة استئناف بغداد – الرصافة حينما صدقت الحكم رغم وجود العيبين المذكورين فيه راعت ان هذين العيبين قد تمخضا لمصلحة الطاعن ، فحكمت له المحكمة باتعاب المحاماة وحملت خصمه المصاريف ، فاذا نقض الحكم لهذين العيبين فانما يضر ذلك بمصلحة الطاعن ، فيضار بطعنه ، وهذا غير مقبول ، لذا فان تصديق الحكم - رغم وجود العيبين به - صحيح .
                                                                  القاضي
                                                             رحيم حسن العكيلي
                                                             26 / 4 / 2007     
     


[1] - حكم النص هو بنسبة 10% على ان لا تزيد على ( 50 ) الف دينار ، الا انه عدل بقرار من مجلس الوزراء بجلسته الثالثة والعشرين المنعقدة بتاريخ 19 / 10 / 2006 ، فاصبح بما لا يزيد على ( 150 ) الف دينار ، وهذا التعديل يستند الى الصلاحية التي منحتها المادة الثالثة والستين في البند ( ثانيا – ج ) من الفقرة ( 2 ) منها لمجلس الوزراء بتعديل اتعاب المحاماة كلما اقتضت الضرورة ذلك .  
[2] - قضت محكمة التمييز بالعدد 35 / هيئة عامة اولى / 1972 في 25 / 3 / 1973 :- ( على المحكمة ان تحمل المستملك اتعاب محاماة لوكيل المستملك منه وفقا للنسب المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة الثالثة والستين المعدلة من قانون المحاماة المشار اليه ، وذلك في حالة الحكم بتمليك العقار المستملك بالبدل المحكوم به ، اما اذا آل الى تمليك ما لا يتجاوز الربع القانوني من مساحة ارض العقار بدون بدل ، فان تقدير اتعاب المحاماة يعود الى سلطة المحكمة المخولة لها بالفقرة الثانية من المادة الثالثة والستين الملمع عنها ، والتي يصار تطبيقها في الدعاوى غير المحدودة القيمة ، والخاضعة لرسم مقطوع ، ومن جملتها هذه الدعوى ... ) النشرة القضائية – العدد الاول – السنة الثالثة – كانون الاول – 1973 – ص251 .
[3] - نصت المادة ( 54 ) من قانون الاستملاك رقم 12 لسنة 1981 :- ( للمستملك ان يسحب طلب الاستملاك من المحكمة قبل صدور قرار الاستملاك . ) ونصت المادة ( 55 ) منه :- ( يجوز بقرار من وزير العدل الغاء قرار الاستملاك قبل تسجيل العقار المستملك ، في حالة انتفاء الحاجة الى استملاكه .) ونصت المادة ( 56 ) منه :- ( يتحمل المستملك الرسوم والمصاريف المترتبة عند سحب الطلب او الغاء قرار الاستملاك . ) .
[4] - قضت محكمة التمييز بالعدد 3009 / مدنية ثانية / 1974 في 17 / 2 / 1975 :- ( لما كان سحب الاستملاك يترتب عليه ابطال عريضة الدعوى بناء على طلب المستملك ، مما يسري عليه حكم المادة الثالثة والستين من قانون المحاماة حيث اعتبرت طلب ابطال عريضة الدعوى من قبل المدعي بحكم من خسرها ، ولما كان موضوع الدعوى قد تحدد اثناء الكشف والتقدير من قبل الهيئة الخاصة ، فيكون ما حكمت به المحكمة من الزام المستملك بمبلغ ( 150 ) دينار يتفق واحكام المادة الثالثة والستين من قانون المحاماة ... ) . نقلا عن مجموعة الاحكام العدلية – العدد الاول – السنة السادسة – ص296و297 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق