مدى استجابة العراق لمقتضيات التجريم
وفقا لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد
لاشك ان اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003
كانت اطار تشريعيا متكاملا لمواجهة الفساد وطنيا ودوليا ، وكان فصلها الثالث
المعنون ( التجريم وانفاذ القانون ) من اكثر فصولها اهمية ، بل لعله المحور الذي
دارت حوله الاتفاقية ، وقد تضمن صنفين من الاحكام ، الصنف الاول تعلق بتجريم بعض
الافعال باعتبارها جرائم فساد ، وفيه نوعين من الاحكام :-
النوع الاول :- هي مقتضيات التجريم الالزامية
والنوع الثاني :- هي مقتضيات التجريم الاختيارية .
اما الصنف
الثاني فانه تعلق باحكام اجرائية تدخل في احكام قوانين اصول المحاكمات الجزائية
بشأن اليات ملاحقة جرائم الفساد ، وهي نوعين ايضا ، بعضها الزامي والاخر اختياري .
وقد اشارت الاتفاقية في الفصل محل البحث في المواد من (
15 الى 28 ) الى وصف عدة افعال باعتبارها صور جرائم الفساد التي تسعى الاتفاقية
الى منعها ومكافحتها ، الا انها الزمت الدول الاطراف بتجريم بعضها ، اما البعض
الاخر فدعتها الى النظر في تجريمها دون ان تلزمها بذلك . كما انها دعت الى تجريم
المشاركة والشروع والاعداد لجرائم الفساد والزمت الدول الاطراف على تقرير مسؤولية
الاشخاص الاعتبارية عن جرائم الفساد .
ومن اجل البحث في مدى استجابة العراق الى تجريم الافعال
التي دعت الاتفاقية الى تجريمها سنقسم هذه الدراسة الى ثلاثة مباحث ، نخصص المبحث
الاول تحت عنوان ( استجابة العراق لمقتضيات التجريم الالزامية ) للبحث في مدى
استجابة العراق الى مقتضيات التجريم الالزامية بموجب الاتفاقية ، أي سنبحث في مدى
تجريم العراق للافعال التي اوجبت الاتفاقية تجريمها . وسنبحث في المبحث الثاني تحت
عنوان ( استجابة العراق لمقتضيات التجريم الاختيارية ) في مدى تجريم العراق لجرائم
الفساد التي دعت الاتفاقية الى النظر بتجريمها اختياريا. ونبحث في المبحث الثالث
في موقف القانون العراقي من ( تجريم المشاركة والشروع ومسؤولية الاشخاص المعنوية
او الاعتبارية ).
المبحث الاول
استجابة العراق
لمقتضيات التجريم الالزامية
الزمت الاتفاقية الدول الاطراف الى تجريم ( ستة افعال )
هي :- 1- رشو الموظف العمومي الوطني . 2- ارتشاء الموظف العمومي الوطني . 3- رشو
الموظف العمومي الاجنبي وموظفي المؤسسات الدولية . 4- اختلاس الموظف الوطني للممتلكات التي بعهدته
او تبديدها . 5- غسل الاموال . 6- عرقلة
سير العدالة .
وسنبحث في خمسة مطالب مدى استجابة العراق لتجريم كل واحد
من الافعال اعلاه . نتناول في المطلب الاول موضوع تجريم العراق لرشو وارتشاء
الموظف العمومي الوطني ، ونتناول في الاربعة المتبقية مدى استجابة العراق لتجريم
الافعال الاربعة المتبقية .
المطلب الاول
تجريم رشو وارتشاء الموظف العمومي الوطني
كانت جريمة ( رشو الموظف العمومي الوطني ) هي اول
الجرائم التي اوجبت الاتفاقية على الدول الاطراف تجريمها ، وجاءت جريمة ( ارتشاء
الموظف العمومي الوطني ) بالترتيب الثاني ، بنص المادة ( 15 ) منها ، التي نصت :-
( تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية
وتدابير اخرى لتجريم الافعال الاتية عندما ترتكب عمدا :-
أ – وعد موظف
عمومي بمزية غير مستحقة او عرضها عليه او منحه اياها ، بشكل مباشر او غير مباشر
سواء لصالح الموظف او لصالح شخص او كيان اخر ، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل او يمتنع
عن القيام بفعل ما لدى اداء واجباته الرسمية .
ب- التماس موظف عمومي او قبوله ، بشكل مباشر او غير
مباشر مزية غير مستحقة سواء لصالح الموظف نفسه او لصالح شخص او كيان اخر ، لكي
يقوم ذلك الموظف بفعل ما او يمتنع عن القيام بفعل ما لدى اداءه واجباته الرسمية .
)
وقد جرم العراق هذا الفعل بموجب قانون العقوبات رقم 111
لسنة 1969 المعدل في الفصل الاول المعنون ( الرشوة ) من الباب السادس المعنون (
الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة ) في المواد من ( 307 الى 315 ) منه .
اذ نصت المادة ( 307 ) :- ( 1- كل موظف او مكلف بخدمة
عامة طلب او قبل لنفسه او لغيره عطية او منفعة او ميزة او وعدا بشئ من ذلك لاداء
عمل من اعمال وظيفته او الامتناع عنه او الاخلال بواجبات وظيفته يعاقب بالسجن مدة
لا تزيد على عشر سنين او بالحبس والغرامة على ان لا تقل عما اعطى او وعد به ولا
تزيد باي حال من الاحوال على خمسمائة دينار . 2- وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد
على سبع سنوات او بالحبس اذا حصل الطلب او القبول او الاخذ بعد اداء العمل او
الامتناع عنه او بعد الاخلال بواجبات الوظيفة بقصد المكافأة على ما وقع من ذلك. )
تستجيب هذه المادة – ولو بتعابير ومصطلحات مختلفة –
لمتطلبات الفقرة ( ب ) من المادة ( 15 ) من الاتفاقية اذ انها تجرم ( ارتشاء
الموظف العمومي الوطني ) ، وهي تتضمن عناصر اوسع مما نصت عليه الاتفاقية اهمها :-
1- التوسع في الجهة المستفيدة من الرشوة من غير الموظف
المرتشي باستعمال لفظ ( او لغيره ) بخلاف الاتفاقية التي استعملت ( او لصالح شخص
او كيان اخر ) ، فلفظ القانون العراقي اوسع من لفظ الاتفاقية ، لان ( غيره ) يشمل
( كل ما عدا الموظف المرتشي ) سواء اكانوا اشخاص طبيعية او معنوية او غيرها
كالحيوانات والجماعات غير المعترف لها بالشخصية المعنوية والمقامات والطوائف .
2- توسع النص العراقي في ( اطار الافعال ) التي اخذت او
طلبت او قبلت الرشوة من اجل القيام بها باضافة ( او الاخلال بواجباته الرسمية ) .
3- توسع النص العراقي في اطار تجريم الافعال ، فجرم
افعال اخرى هي طلب او قبول الرشوة ، بعد القيام بالعمل او الامتناع عن العمل او
بعد الاخلال بواجبات الوظيفة ، بقصد المكافأة على ما وقع من ذلك ، وهي افعال لم
تنص الاتفاقية على تجريمها .
كما جرم القانون العراقي شكل اخر من افعال ( ارتشاء
الموظف العمومي الوطني ) وعدها جريمة رشوة في المادة ( 308 ) من قانون العقوبات التي نصت
:- ( كل موظف او مكلف بخدمة عامة طلب او قبل لنفسه او لغيره عطية او منفعة او ميزة
او وعدا بشئ من ذلك لاداء عمل او الامتناع عن عمل لا يدخل في اعمال وظيفته ولكنه
زعم ذلك خطأ يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس والغرامة على ان لا
تقل عما طلب او اعطي او وعد به ولا تزيد باي حال من الاحوال على خمسمائة دينار . )
ونصت المادة ( 309 ) على ان الجريمة تعد واقعة ولو كان
الموظف حينما قبل او طلب او اخذ الرشوة انما كان لا ينوي القيام بالفعل او
الامتناع المطلوب اذ نصت :- ( تسري احكام المادتين السابقتين ولو كان الموظف او
المكلف بخدمة عامة يقصد عدم القيام بالعمل او عدم الامتناع عنه وعدم الاخلال
بواجبات وظيفته . )
اما جريمة رشو الموظف العمومي الوطني التي دعت الفقرة (
أ ) من المادة ( 15 ) من الاتفاقية الى تجريمها فقد جرمتها المادة ( 310 ) من
قانون العقوبات التي نصت :- ( كل من اعطى او قدم او عرض او وعد بان لموظف او لمكلف
بخدمة عامة شيئا مما نص عليه في المادة ( 308 ) عد راشيا . وكل من تدخل بالوساطة
لدى الراشي او المرتشي لعرض الرشوة او لطلبها او لقبولها او لاخذها او الوعد بها
عد وسيطا ، ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة قانونا للمرتشي . )
فهذه المادة جرمت فعل ( رشو الموظف العمومي الوطني ) وهو
فعل ( الراشي ) كما جرمت من يتوسط في جريمة الرشوة بين الراشي والمرتشي ( الوسيط )
وعاقبتهما كل منهما بنفس العقوبة التي يعاقب بها الموظف المرتشي في جريمة (
الارتشاء ) طبقا لنص المادتين ( 307 و308 ) من قانون العقوبات .
كما جرم القانون العراقي فعل (عرض الرشوة ) لوحده - ولو
لم تقع الرشوة فعلا - بنص خاص في المادة ( 313 ) من قانون العقوبات التي نصت :- (
يعاقب بالحبس او بالغرامة كل من عرض رشوة على موظف او مكلف بخدمة عامة ولم تقبل
منه . ) ويقصد بعقوبة الحبس في القانون العراقي هو سلب الحرية بايداع المحكوم عليه
في احدى المنشآت العقابية لمدة لا تقل عن ( 24 ) ساعة ولا تزيد على خمس سنوات [1].
ونص القانون العراقي على تجريم افعال اخرى وعدها من
جرائم الرشوة بموجب المادة ( 312 ) من قانون العقوبات التي نصت :- ( يعاقب بالحبس
:- 1- كل من طلب او اخذ عطية او منفعة او ميزة بزعم انها رشوة لموظف او مكلف بخدمة
عامة وهو ينوي الاحتفاظ بها لنفسه . 2- كل شخص اخذ العطية او المنفعة او الميزة او
قبل شيئا من ذلك مع علمه بسببه ولو لم يكن الموظف او المكلف بالخدمة العامة
المقصود بالرشوة قد عينه او قد علم به ما لم يكن وسيطا في الرشوة . )
فهذه الافعال رغم انها تقع بعيدا عن الموظف العمومي
الوطني وبلا تدخله او علمه ، الا انها تأخذ باسمه وتؤدي الى الاخلال بالوظيفة
العامة وتفقد الثقة بالموظف العام لذلك جرمها المشرع العراقي .
واضاف المشرع العراقي عقوبة اخرى الى العقوبات التي ذكرت
في مواد التجريم التي اشرنا اليها سابقا هي عقوبة (المصادرة ) للرشوة المدفعة او
المقبولة او الموعود بها في المادة ( 314 ) :- ( يحكم فضلا عن العقوبات المبينة في
مواد هذا الفصل بمصادرة العطية التي قبلها الموظف او المكلف بخدمة عامة او التي
عرضت عليه . )
ومن اجل ضمان التعاون في فضح جرائم الرشوة التي تقع عادة
في الخفاء ويصعب اثباتها فقد اعفى المشرع العراقي ( الراشي والوسيط ) من العقوبة
اذا اخبر او اعترف بالجريمة قبل اتصال علم المحكمة بها ، اما اذا اخبر او اعترف
بعد ذلك فعده عذرا مخففا بموجب نص المادة ( 311 ) من قانون العقوبات التي نصت :- (
يعفى الراشي او الوسيط من العقوبة اذا بادر بابلاغ السلطات القضائية او الادارية
بالجريمة او اعترف بها قبل اتصال المحكمة بالدعوى ، ويعتبر عذرا مخففا اذا وقع
الابلاغ او الاعتراف بعد اتصال المحكمة بالدعوى وقبل انتهاء المحاكمة فيها . ) .
فالمشرع العراقي يستجيب بالكامل لمتطلبات المادة ( 15 )
من الاتفاقية فيجرم رشو وارتشاء الموظف
العمومي الوطني ، بل انه يجرم افعال اخرى لم تنص الاتفاقية على تجريمها من افعال
وصور الرشوة . وتعد العقوبات المنصوص عليها في القانون العراقي عقوبات مشددة جدا
اذ انها :-
1- عقوبات مقيدة للحرية تصل الى السجن لعشر سنوات .
2- عقوبات الغرامة .
3- عقوبات المصادرة .
وقد حكم نتيجة نتحقيقات اجرتها هيئة النزاهة على محكوم
واحد عن جريمة الرشوة عام 2008 [2]،
وحكم على ( 8 ) اخرين في عام 2009 [3]،
واحيل على المحاكمة بتهم الرشوة ( 132 ) ، وحكم على ( 18) في عام 2010 [4].في
حين حكم على ( 6 ) متهمين بالرشوة في الاربعة اشهر الاولى من عام 2011 ، واحيل (
60 ) للمحاكمة عن تهم مختلفة بالرشوة والارتشاء [5].
المطلب الثاني
رشو الموظفين
العموميين الاجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية
اوجبت الاتفاقية تجريم فعل رشو الموظف العمومي الاجنبي
او موظفي المؤسسات الدولية العمومية بموجب المادة ( 16 / 1 ) منها التي نصت :- (
تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم القيام عمدا
بوعد موظف عمومي اجنبي او موظف مؤسسة دولية عمومية بمزية غير مستحقة او عرضها او
منحه اياها ، بشكل مباشر او غير مباشر ، سواء لصالح الموظف نفسه او لصالح شخص او
كيان اخر ، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل او يمتنع عن القيام بفعل ما لدى اداء واجباته
الرسمية ، من اجل الحصول على منفعة تجارية او مزية غير مستحقة اخرى او الاحتفاظ
بها فيما يتعلق بتصريف الاعمال التجارية الدولية . )
لم يسبق للمشرع العراق ان اخذ بتجريم رشو او ارتشاء
الموظفين الاجانب ولا موظفي المنظمات الدولية العمومية ، ولا يتضمن قانون العقوبات
العراقي النافذ ولا عموم المنظومة القانونية العراقية نصوصا تجرم مثل تلك الافعال
. الا ان رأيا ضعيفا يذهب الى ان العراق يجرم هذه الافعال باعتبار ان الموظف
العمومي الاجنبي وموظف المؤسسات الدولية العمومية يعد مكلفا بخدمة عامة ، اي انه -
حسب هذا الرأي – يعاقب بنفس عقوبة الموظف الوطني فيما يتعلق بالرشوة وتنطبق عليه
نفس احكامها . الا اننا لا نتفق مع هذا الرأي ، ولا يوجد اي تطبيق قانوني في احكام
المحاكم العراقية له مطلقا .
وقد تضمن ( مشروع قانون مكافحة الفساد ) الذي اعدته هيئة
النزاهة عام 2009 نصا يجرم فعل ( رشو الموظف العمومي الاجنبي وموظفي المؤسسات
الدولية العمومية ) اذ نص في المادة ( 3 ) منه :- ( يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن
ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار كل من اعطى او قدم او عرض او وعد
موظف عمومي اجنبي او موظف مؤسسة دولية عمومية بعطية او منفعة او بمزية غير مستحقة
بشكل مباشر او غير مباشر لصالح هو او لصالح غيره ، لاداء عمل من اعمال وظيفته او
الامتناع عنه ن من اجل الحصول على منفعة تجارية او مزية غير مستحقة او الاحتفاظ
بها فيما يتعلق بتصريف الاعمال التجارية الدولية . ) .
المطلب الثالث
تجريم اختلاس الموظف
العمومي الوطني الاموال التي بعهدته
الجريمة الرابعة التي جعلت الاتفاقية تجريمها امر الزامي
هي ( اختلاس الممتلكات او تبديدها او تسريبها بشكل اخر من قبل موظف عمومي ) بموجب
المادة ( 17 ) منها التي نصت :- ( تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية
وتدابير اخرى لتجريم قيام موظفي عمومي عمدا ، لصالحه هو او لصالح كيان اخر ،
باختلاس او تبديد أي ممتلكات او اموال او اوراق عمومية او خصوصية او أي اشياء اخرى
ذات قيمة عهد بها اليه بحكم موقعه او تسريبها بشكل اخر . ) .
فالاتفاقية بهذا النص توجب تجريم قيام الموظف العمومي
الوطني باختلاس او تبديد او تسريب نوعين من الاموال والمتلكات والاوراق هي :-
1- الممتلكات او الاموال او الاوراق او اشياء اخرى ذات قيمة
المملوكة للدولة التي عهد بها اليه بحكم موقعه .
2- الممتلكات او الاموال او الاوراق او اشياء اخرى ذات قيمة
المملوكة لغير الدولة ( الخاصة ) التي عهد بها اليه بحكم موقعه او وظيفته .
وقد عالج قانون العقوبات العراقي رقم ( 111 ) لسنة 1969
المعدل جريمة ( الاختلاس ) في السابع من الباب الخامس المعنون ( الجرائم المخلة
بالثقة العامة ) في المواد من ( 315 ) الى ( 322 ) ، وجرم الافعال التي دعت المادة
( 17 ) من الاتفاقية الى تجريمها في المادتين ( 315 و316 ) ، فنصت المادة ( 315 :-
( يعاقب بالسجن كل موظف او مكلف بخدمة عامة اختلس او اخفى مالا او متاعا ورقة مثبت
لحق او غير ذلك مما وجد في حيازته ، وتكون العقوبة السجن المؤبد او المؤقت اذا كان
الموظف او المكلف بخدمة عامة من مأموري التحصيل او المندوبين له او الامناء على
الودائع او الصيرافة واختلس شيئا مما سلم له بهذه الصفة . )
فهذا النص يعاقب على اختلاس او اخفاء الموظف العمومي أي
مال او متاع او ورقة او أي شئ وجد في حيازته لاي سبب كان ، وذلك يشمل مال الدولة
او اموال الاشخاص او غيرها من الجهات ، ما دام المال قد وضع تحت يد الموظف العام
بحكم وظيفته .
ونصت المادة ( 316 ) على تجريم قيام الموظف العمومي ( بالاستيلاء
) على أي مال او متاع او ورقة مملوكة للدولة او لاحد المؤسسات او الهيئات التي
تساهم الدولة في مالها بنصيب باستغلال وظيفته ولو لم تكن تلك الاموال في حيازته ،
او اذا سهل لغيره الاستيلاء عليها ، وكذلك جرمت نفس الافعال بعقوبة اخف في حدها
الاعلى فقط اذا كانت الاموال غير مملوكة للدولة او المؤسسات التي تساهم الدولة في
مالها بنصيب ، اذ نصت :- ( يعاقب بالسجن كل موظف او مكلف بخدمة عامة استغل وظيفته
فاستولى بغير حق على مال او متاع او ورقة مثبتة لحق او غير ذلك مملوك للدولة او
لاحدى المؤسسات او الهيئات التي تساهم الدولة في مالها بنصيب ما او سهل ذلك لغيره
. وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين اذا كان المال او المتاع او
الورقة او غيره مملوكا لغير من ذكر في الفقرة المتقدمة . )
كما عاقب في هذا الفصل على فعلين هما بين الاختلاس
والرشوة ، اذ جرمت المادة ( 318 ) فعل الاضرار بمصالح الجهة التي عهد الى الموظف
المحافظة عليها ليحصل على منفعة لنفسه او لغيره ، فنصت :- ( يعاقب بالسجن كل موظف
او مكلف بخدمة عامة عهدت اليه المحافظة على مصلحة لجهة التي يعمل فيها في صفة او
قضية فاضر بسوء نية او تسبب بالاضرار لهذه المصلحة ليحصل على منفعة لنفسه او لغيره
) . وجرمت المادة ( 319 ) فعل اخر هو انتفاع الموظف من الاشغال او المقاولات التي
له شأن في اعدادها او احالتها او تنفيذها او الاشراف عليها ، او فعل الحصول على
عمولة لنفسه او غيره بمناسبتها اذ نصت :- ( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين
او بالحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة انتفع مباشرة او بالواسطة من الاشغال او
المقاولات او التعهدات التي له شأن في اعدادهااو احالتها او تنفيذها او الاشراف
عليها ، ويعاقب بالعقوبة ذاتها اذا حصل على عمولة لنفسه او لغيره بشأن من الشؤون
المتقدمة . )
كما جرم المشرع العراقي في نفس هذا الفصل في المادة (
320 ) ثلاثة انواع من افعال الموظفين هي :-
1- احتجاز بعض مستحقات العمال لنفسه .
2- استخدام عمال سخرة واخذ اجورهم لنفسه .
3- العمال او الموظفين الاشباح .
اذ نصت :- ( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات او
بالحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة له شأن في استخدام العمال في اشغال تتعلق
بوظيفته احتجز لنفسه كل او بعض ما يستحقه العمال الذين استخدمهم من اجور ونحوها ،
او استخدم عمالا سخرة واخذ اجورهم لنفسه او قيد في دفاتر الحكومة اسماء اشخاص
وهميين او حقيقيين لم يقوموا باي عمل في الاشغال المذكورة واستولى على اجورهم
لنفسه او اعطاها لنفسه او اعطاها لهؤلاء مع احتسابها على الحكومة . )
وقد اوجب المشرع العراقي ان يحكم برد المال المختلس او
المستولى عليه اضافة الى العقوبات المنصوص عليها في المواد السابقة ، فنص في
المادة ( 321 ) من قانون العقوبات :- ( يحكم فضلا عن العقوبات المبينة في مواد هذا
الفصل برد ما اختلسه الجاني او استولى عليه من مال ، او قيمة ما حصل عليه من منفعة
او ربح . ) .
وقد حكم على ( 39 ) متهم بجريمة الاختلاس في عام 2008 [6]،
وعلى ( 63 ) في عام 2009 [7]،
وعلى ( 164) في عام 2010 في حين احيل ( 469 ) متهم لمحاكمتهم عن تهم بالاختلاس [8]
، في حين حكم على ( 26 ) في الاربعة اشهر الاولى لعام 2011 ، واحيل ( 151 ) متهم
لمحاكمتهم عن جرائم اختلاس مختلفة [9].
المطلب الرابع
غسل الاموال
اما الجريمة الخامسة التي الزمت الاتفاقية الدول الاطراف
على اعتماد ما يقتضي من اجراءات لتجريمها فهي جريمة غسل او غسيل الاموال اذ نصت
المادة ( 23 ) منها على :-
( 1- تعتمد كل دولة طرف ، وفقا للمبادئ الاساسية
لقانونها الداخلي ، ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم الافعال
التالية ، عندما ترتكب عمدا :-
أ- 1- ابدال الممتلكات او احالتها ، مع العلم بانها عائدات
اجرامية ، بغرض اخفاء او تمويه مصدر تلك الممتلكات غير المشروع او مساعدة أي شخص
ضالع في ارتكاب الجرم الاصلي على الافلات من العواقب القانونية لفعلته . 2- اخفاء
او تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات او مصدرها او مكانها او كيفية التصرف فيها او
حركتها او ملكيتها او الحقوق المتعلقة بها ، مع العلم بان تلك الممتلكات هي عائدات
اجرامية .
ب- ورهنا بالمفاهيم الاساسية لنظامها القانوني :- 1- اكتساب
الممتلكات او حيازتها او استخدامها مع العلم ، وقت استلامها بانها عائدات اجرامية
2- المشاركة في ارتكاب أي فعل مجرم وفقا لهذه المادة ، او التعاون او التآمر على
ارتكابه ، والشروع في ارتكابه والمساعدة والتشجيع على ذلك وتسهيله واسداءه المشورة
بشأنه .
3- لاغراض تنفيذ او تطبيق الفقرة ( 1 ) من هذه المادة :- أ-
تسعى كل دولة طرف الى تطبيق الفقرة ( 1 ) من هذه المادة على اوسع مجموعة من
الجرائم الاصلية ب- تدرج كل دولة طرف في عداد الجرائم الاصلية ، كحد ادنى ، مجموعة
شاملة من الافعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية . ج- لاغراض الفقرة الفرعية ( ب )
اعلاه ، تشمل الجرائم الاصلية الجرائم المرتكبه داخل الولاية القضائية للدولة الطرف
المعنية وخارجها ، غير ان الجرائم المرتكبه خارج الولاية القضائية للدولة الطرف لا
تمثل جرائم اصلية الا اذا كان السلوك ذو الصلة يعتبر فعلا اجراميا بمقتضى القانون
الداخلي للدولة التي ارتكب فيها وكان من شأنه ان يعتبر فعلا اجراميا بمقتضى
القانون الداخلي للدولة الطرف التي تنفذ او تطبق هذه المادة لو كان قد ارتكب هناك
.د- تزود كل دولة طرف الامين العام للامم المتحدة بنسخ من قوانينها المنفذة لهذه
المادة وبنسخ من أي تغييرات تدخل على تلك القوانين لاحقا او بوصف لها [10].
هـ - يجوز النص على ان الجرائم المبينة في الفقرة ( 1 ) من هذه المادة لا تسري على
الاشخاص الذين ارتكبوا الجرائم الاصلية ،اذا كانت المبادئ الاساسية للقانون الداخلي
للدولة الطرف تقتضي ذلك . ) .
ولم يسبق للنظام القانوني العراقي قبل عام 2004 ان عرف
جريمة ( غسل الاموال ) بهذا الاسم ، الا انه عرف جريمة يصعب تمييزها عنها بسهولة هي
( جريمة اخفاء اشياء متحصلة من جريمة ) [11]،
كما عرف جرائم اخرى قريبة الشبه بجرائم تمويل الجريمة والارهاب ، منها ما نصت عليه
المادة ( 183 ) من قانون العقوبات :- ( أ- يعاقب باعتباره شريكا في الجرائم
المنصوص عليها في هذا الباب :- 1- من كان عالما بنيات مرتكب الجريمة وقدم له اعانة
او وسيلة للتعيش او مأوى او مكانا للاجتماع او غير ذلك من المساعدات وكذلك كل من
حمل رسائله او سهل له البحث عن موضوع الجريمة او قام باخفاء او نقل او ابلاغ ذلك
الموضوع متى كان عالما بنيات مرتكب الجريمة ولو لم يقصد الاشتراك في ارتكاب
الجريمة . 2- من اتلف او اختلس او اخفى او غير عمدا مستندا او شيئا من شأنه تسهيل
كشف الجريمة وادلتها او عقاب مرتكبيها , ب- يعفى من العقوبة زوج مرتكب الجريمة
واصوله وفروعه واخته واخوه في حالة تقديم الاعانة ووسيلة التعيش والمأوى . ويجوز
للمحكمة ان تخفف عقوبة هؤلاء في الحالات الاخرى التي عددتها الفقرتان 1 و2 . ) .
ولم يجرم فعل ( غسل الاموال ) الا بموجب امر سلطة
الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم ( 93 ) لسنة 2004 النافذ في 3 / حزيران / 2004 ،
الذي نص في المادة ( 3 ) منه :- ( كل من يدير او يحاول ان يدير تعامل مالي يوظف
عائدات بطريقة ما لنشاط غير قانوني عارفا بان المال المستخدم هو عائدات بطريقة ما
لنشاط غير قانوني ، او كل من ينقل او يرسل او يحيل وسيلة نقدية او مبالغ تمثل
عائدات بطريقة ما لنشاط غير قانوني عارفا بان هذه الوسيلة النقدية او المال يمثل
عائدات بطريقة ما لنشاط غير قانوني :- ا- مع نية المساعدة على تنفيذ نشاط غير
قانوني او الاستفادة من نشاط غير قانوني او لحماية الذين يديرون النشاط الغير
قانوني من الملاحقة القضائية . ب- العلم بان التعامل مفتعل كلا او جزءا لغرض :- 1-
التستر او اخفاء طبيعة او مكان او مصدر او ملكية او السيطرة على عائدات النشاط
الغير قانوني او 2- لتفادي تعامل او لزوم اخبار اخر . يعاقب بغرامة لا تزيد على
اربعين مليون دينار عراقي او ضعف قيمة المال المستعمل في التعامل ، ايهما اكثر او
السجن لمدة لا تزيد على اربع سنوات او كلاهما . ) .
ونصت المادة ( 4- تمويل الجريمة والتمويل الارهابي ) :-
( 1- تمويل الجريمة :- كل من يقدم مال او يخفي او يتستر على طبيعة او مكان او مصدر
او عائدية المال ، عارفا او قاصدا ، بان هذا المال يستعمل للتهيئة لغرض او تنفيذ
خرق للقانون او للتهيئة لغرض او تنفيذ التستر على الفرار من ارتكاب أي خرق كهذا او
يحاول او يتأمر على نشاط كهذا ، يغرم بما لا يقل عن عشرين مليون دينار عراقي او
يحبس مدة لا تزيد على السنتين او كلاهما .يشمل ( المال ) لاغراض هذه المادة وليس
على سبيل الحصر ، العملة والوسائل النقدية والسندات المالية .
2- التمويل الارهابي :- كل من يقدم او يدعو شخص اخر
لتقديم ، مال او دعم او تمويل خدمات اخرى ذات صلة بذلك ، قاصدا استعمالها او عارفا
انها من المحتمل ان تستعمل كلا او جزءا لتنفيذ :- أ- عمل او امتناع يقدم فائدة الى
جماعة ارهابية ، او ب- أي عمل او امتناع يقصد تسبيب موت او اذى بدني خطير لشخص اخر
ليست لديه مساهمة فعالة في شحن وضع الصراع المسلح ، اذا كان الغرض من العمل او
الامتناع هو ترويع العامة او التضييق على منظمة حكومية او دولية لغرض عمل او
الامتناع عن عمل أي نشاط . يغرم بما لا يزيد على عشرين مليون دينار عراقي او يحبس
مدة لا تزيد على سنتين ، او كلاهما .3- ( المال ) لاغراض هذه المادة يشمل ، لكن
ليس على سبيل الحصر ، العملة والوسائل النقدية والسندات المالية . )
ونصت المادة ( 5 – تكوين التعاملات ) :- ( كل من :- أ-
ينشأ او يحاول ان ينشأ معاملة مالية ، بالمصطلح المستخدم لاغراض هذا القانون ،
لتفادي الاخبار المطلوب بموجب المادة 20 . او . ب- يكون او يساعد في تكوين او
يحاول تكوين او المساعدة في تكوين أي تعامل مع مؤسسة مالية او اكثر لغرض تفادي
الاخبار المطلوب بموجب هذه المادة . يغرم
بما لا يزيد عن عشرة مليون دينار عراقي او يحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة او
كلاهما . )
المطلب الخامس
اعاقة سير العدالة
اما اخر الافعال الزامية التجريم وفقا لاتفاقية الامم
المتحدة لمكافحة الفساد فهو ( جريمة اعاقة سير العدالة ) حيث نصت المادة ( 25 ) من
الاتفاقية :- ( تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى
لتجريم الافعال الاتية عندما ترتكب عمدا :- أ- استخدام القوة البدنية او التهديد او
الترهيب او الوعد بمزية غير مستحقة او عرضها او منحها للتحريض على الادلاء بشهادة
زور او للتدخل في الادلاء بالشهادة او تقديم الادلة في اجراءات تتعلق بارتكاب
افعال مجرمة وفقا لهذه الاتفاقية . ب- استخدام القوة البدنية او التهديد او
الترهيب للتدخل في ممارسة أي موظف قضائي او معني بانفاذ القانون مهامه الرسمية
فيما يتعلق بارتكاب افعال مجرمة وفقا لهذه الاتفاقية ، وليس في هذه الفقرة الفرعية
ما يمس بحق الدول الاطراف في ان تكون لديها تشريعات تحمي فئات اخرى من الموظفين
العموميين . ) .
فالنص يدعو الى تجريم ثلاثة اصناف من الافعال :-
1- الاكراه او الاغواء للتحريض على شهادة زور .
2- الاكراه او
الاغواء للتدخل في الادلاء بالشهادة او تقديم الادلة او في اجراءات تتعلق بالجريمة
.
3- استخدام
القوة البدنية او التهديد او الترهيب للتأثير على القضاة او الموظفين الاخرين المنوط
بهم تنفيذ القانون فيما يتعلق بالجريمة .
اما عن موقف المشرع العراقي من الاستجابة لهذه المادة
فأن قانون العقوبات نص في المادة ( 254 ) على تجريم استعمل وسائل الاكراه او
الاغواء للتحريض على تقديم شهادة زور ، كما جرم فيها استخدام الاكراه او الاغواء
لمنع الشاهد من اداء الشهادة ، اذ نصت :- ( يعاقب بنفس عقوبة شاهد الزور[12]
:- 1- من اكره او اغوى باية وسيلة شاهدا على عدم اداء الشهادة او الشهادة زورا ولو
لم يبلغ مقصده . 2- من امتنع عن اداء الشهادة نتيجة لعطية او وعد او اغراء . ) .
وقد استوعب النص عموم الصور التي يستوعبها نص الاتفاقية ، اذ انه لم يستوعب فيما
اذا ان انصبت افعال التهديد او الترهيب او العنف او الاغواء لا على الشاهد نفسه ،
ولكن على زوجه او ابنائه او الاشخاص وثيقي الصلة به . كما انه انصب على منع اداء
الشهادة او الشهادة زورا ، في حين دعت الاتفاقية الى تجريم :- 1- التحريض لاداء شهادة
الزور . 2- التدخل في الادلاء بالشهادة .
3- التدخل في تقديم الادلة .
والنص العراقي في المادة ( 254 ) لا يستجيب الا لتجريم الفعل
الاول دون الثاني والثالث . كما انه يحصر شهادة الزور امام جهات محددة هي المحاكم
المدنية او الادارية او التأديبية او امام محكمة خاصة او سلطة من سلطات التحقيق حسب
نص المادة ( 251 ) من قانون العقوبات :- ( شهادة الزور هي ان يعمد الشاهد بعد
ادائه اليمين القانونية امام محكمة مدنية او ادارية او تأديبية او امام محكمة خاصة
او سلطة من سلطات التحقيق الى تقرير الباطل او انكار حق او كتمان كل او بعض ما
يعرفه من الوقائع التي يؤدي الشهادة عنها . ) . في حين ان نص الاتفاقية يوسعها الى
كل الاجراءات المتعلقة بجريمة فساد ولا يحصرها بالمحاكم او سلطات التحقيق كما فعل
النص العراقي .
ونصت المادة ( 255 ) منه على تجريم صور متعددة من
الافعال كلها تدخل في باب التلاعب او التدخل في الادلة المقدمة للمحاكم او للجهات
التحقيقية بشأن جرائم معينة :- ( يعاقب
بنفس عقوبة شاهد الزور :- 1- كل من كلف من احدى المحاكم او الجهات المذكورة في
المادة ( 231 )[13]
باداء اعمال الخبرة او الترجمة فغير الحقيقية عمدا باية طريقة كانت . 2- من زور في
ترجمة أي مستند يمكن ان يستعمل للاثبات . 3- من اصدر او وقع شهادة مزورة توقعا
لدعوى قضائية وكانت تلك الشهادة مطلوبا اعطاؤها او توقيعها قانونا او كانت متعلقة
بامر يصح ان تستعمل الشهادة لاثباته . 4- كل من استعمل للاثبات في دعوى او تحقيق
شهادة مزورة او تقريرا ، او ترجمة او مستندا او وثيقة او اشياء اخرى يعلم بتزويرها
. 5- كل من اصطنع اثناء السير في تحقيق او دعوى او توقعا لحدوثها اية حالة او دون
امرا غير صحيح في دفتر او سجل او غيرهما مما يمكن استعماله للاثبات وكان من شأن
ذلك تكوين رأي خاطئ لدى المحكمة مما يؤثر على نتيجة الدعوى . ) .
ولم يتضمن قانون العقوبات العراقي نصا عاما يعاقب على
استخدام القوة البدنية او التهديد او الترهيب او الوعد بمزية غير مستحقة او عرضها
او منحها للتدخل في تقديم الادلة او في الاجراءات المتعلقة بجريمة ما .
اما الصنف الثالث من الافعال التي دعت المادة ( 25 ) من
الاتفاقية الى تجريمها المتعلقة باستخدام وسائل الاكراه والاغواء للتأثير على
القضاة او موظفي انفاذ القانون فيما يتعلق بالقيام بواجباته الرسمية في اجراءات
تتعلق بجريمة فساد فان المشرع العراقي عالج الموضوع في الفصل الثاني ( الاعتداء
على الموظفين وغيرهم من المكلفين بخدمة عامة ) من الباب الثالث ( الجرائم الواقعة
على السلطة العامة ) في المواد من 229 الى 233 ، اذ نصت المادة ( 229 ) :- ( يعاقب
بالحبس مدة لا تزيد على سنتين او بغرامة لا تزيد على مئتي دينار كل من اهان موظفا
او أي شخص مكلف بخدمة عامة او مجلسا او هيئة رسمية اثناء تأدية واجباتهم او بسبب
ذلك . وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبالغرامة او باحدى هاتين
العقوبتين اذا وقعت الاهانة او التهديد على حاكم او محكمة قضائية او ادارية او
مجلس يمارس عملا قضائيا اثناء تأدية واجباتهم او بسبب ذلك . ) ، فهذه المادة تجرم
اهانة او تهديد الموظفين العموميين جميعا متى ما وقعت الاهانة او التهديد اثناء
ادائهم لوجباتهم الرسمية او بسببها ، وهي تشدد العقوبة اذا ما وقعت الاهانة او
التهديد على قاض او محكمة .
ونصت المادة ( 230 ) :- ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على
ثلاثة سنوات او بغرامة لا تزيد على ثلثمائة دينار كل من اعتدى على موظف او أي شخص
مكلف بخدمة عامة او مجلس او هيئة رسمية اثناء تأدية واجباتهم او بسبب ذلك . وتكون
العقوبة الحبس او الغرامة اذا حصل الاعتداء والمقاومة جرح او اذى ، وتكون العقوبة
الحبس والغرامة او احدى هاتين العقوبتين اذا وقع الجرح او الاذى على حاكم اثناء
تأدية وظيفته او بسببها، ولا يخل ما تقدم بتوقيع اية عقوبة اشد يقررها القانون
للجرح او الايذاء . ) وهذه المادة تجرم افعال الاعتداء باي طريقة على الموظفين
اثناء ادائهم مهامهم الرسمية او بسببها ، وتشدد العقوبة اذا ما نتج عن الاعتداء
جرح او اذى كما تشددها اذا وقع الاعتداء على قاض .
وجرمت المادة ( 231 ) من قانون العقوبات افعال منع
الموظفين من اداء واجباتهم فنصت :- ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات
وبالغرامة او باحدى هاتين العقوبتين من منع قصدا موظفا او أي شخص مكلف بخدمة عامة
عن القيام بواجباته . ) .
وعدت المادة ( 232 ) من قانون العقوبات ثلاثة حالات
ظروفا مشددة في ارتكاب الجرائم المذكورة اذ نصت :- ( يعتبر ظرفا مشددا في ارتكاب
الجرائم المبينة في المواد 229 و230 و231 :- أ- اذا ارتكبت الجريمة مع سبق الاصرار
. ب- اذا ارتكب الجريمة خمسة اشخاص فاكثر .ج- اذا ارتكب الجريمة شخص يحمل سلاحا
ظاهر . )
وفي هذه الصور من الافعال – التي جرمتها المواد 229 و230
و231 من قانون العقوبات - تدخل الافعال التي دعت الفقرة ( 2 ) من المادة ( 25 )من
الاتفاقية تجريمها وهي استخدام القوة البدنية او التهديد او الترهيب للتدخل في
ممارسة أي موظف قضائي او معني بانفاذ القانون مهامه الرسمية فيما يتعلق بارتكاب
جريمة فساد . الا ان تلك الصور :-
1- لم تستوعب حالة وقوع العنف او التهديد او الترهيب على
غير الموظف العام كزوجه او احد ابناءه او الاشخاص وثيقي الصلة به .
2- كما انها لا تفرق بين وقوع تلك الافعال بقصد منعه من القيام
بواجباته ، او التاثير عليه لحرفها عن مسارها ، وبين وقوعها - لاحقا - بقصد
الانتقام منه ، ولو انها بنصها الحالي تستوعب الفرضين الاخيرين معا .
3- جرمت عموم الاعتداء على الموظف العام ، ولم تخصص تجريم
استخدام القوة البدنية او التهديد او الترهيب للتدخل في ممارسة قاض او موظف معني
بانفاذ القانون مهامه الرسمية بمناسبة جريمة فساد .
ورغم ان القانون العراقي يستجيب الى الجزء الاكبر مما
دعت المادة ( 25 ) من الاتفاقية الى تجريمه ، فان مشروع قانون مكافحة الفساد الذي
اعدته هيئة النزاهة قد جاء بنص خاص يستجيب بالكامل لهذه المادة قصد منه :-
1- تلافي النقص في التشريع العراقي بشأن هذه النقطة الهامة
.
2- تشديد العقوبات بشأن الافعال المنصوص عليها فيما يتعلق
بجرائم الفساد .
اذ نصت المادة ( 10 ) من المشروع :- ( يعاقب بالحبس
وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار كل من استخدم القوة او التهديد او الترهيب او
الوعد بمزية غير مستحقة او عرضها او منحها للتحريض على الادلاء بشهادة زور او
للتدخل في الادلاء بالشهادة او تقديم الادلة في اجرءات تتعلق بجريمة فساد . ) ونصت
المادة ( 11 ) منه :- ( يعاقب بالسجن المؤقت وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار
كل من استخدم القوة او التهديد للتدخل في ممارسة قاض او ممثل الادعاء العام او
محقق او تحر او أي موظف معني بتنفيذ القانون مهامه الرسمية فيما يتعلق بجريمة فساد
، او منعه من القيام بواجباته او حاول التأثير عليه بشأنها . ) .
النتيجة النهائية بشأن استجابة العراق لمقتضيات التجريم الالزامية :-
ان العراق يستجيب لتجريم جميع الافعال الستة التي نصت اتفاقية الامم
المتحدة لمكافحة الفساد على الزامية تجريمها باستثناء :-
1- رشو الموظف العمومي الاجنبي وموظف المؤسسات الدولية العمومية .
2- التدخل في اداء الشهادة ، والتدخل في تقديم
الادلة في اجراءات تتعلق بجريمة فساد .
وقد اعد مشروع قانون يتضمن نصوصا تجرم الفعلين المذكورين هو ( مشروع قانون
مكافحة الفساد ) .
المبحث الثاني
استجابة العراق
لمقتضيات التجريم الاختيارية
دعت الاتفاقية الدول الاطراف الى النظر اختياريا في تجريم سبعة افعال هي :-
1- ارتشاء الموظفين العموميين الاجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية . 2-
المتاجرة بالنفوذ . 3- اساءة استغلال الوظائف . 4- الاثراء غير المشروع . 5-
الرشوة في القطاع الخاص . 6- اختلاس ممتلكات القطاع الخاص .7-الاخفاء . وسنتناول
كل واحدة منها في مطلب مستقل .
المطلب الاول
ارتشاء الموظفين
العموميين الاجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية
نصت الفقرة ( 2 ) من المادة ( 16 ) من الاتفاقية :- ( تنظر كل دولة طرف في
اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم قيام موظف عمومي اجنبي
او موظف مؤسسة دولية عمومية ، بشكل مباشر او غير مباشر ، بالتماس او قبول مزية غير
مستحقة ، سواء لصالح الموظف نفسه او لصالح شخص او كيان اخر ، لكي يقوم الموظف بفعل
او يمتنع عن القيام بفعل ما لدى اداء واجباته الرسمية ) .
لقد اوجبت التفاقية تجريم ( رشو الموظف العمومي الاجنبي وموظفي المؤسسات
الدولية العمومية ) الزاميا ، ولكن جعلت تجريم ( ارتشائهم ) اختيارية .الا ان ذلك
التجريم لا يمس الحصانات التي يتمتع بها الموظفون العموميون الاجانب او موظفو المؤسسات
الدولية العمومية [14]،
ولكن قد يتم التنازل عن تلك الحصانات في حالات ما من قبل الجهات المعنية .
والعراق في قوانينيه النافذة حاليا لم يجرم ارتشاء الموظفين الاجانب ولا
موظفي المؤسسات الدولية العمومية ، الا ان هناك من يرى بان موظفي المؤسسات الدولية
العمومية يدخلون في مفهوم المكلف بخدمة عامة وفقا للمفهوم الوارد في قانون
العقوبات وبالتالي يعد رشوه وارتشاءه مجرما في التشريع العراقي على نحو ما عرضناه
في رشو وارتشاء الموظف الوطني ، الا ان هذا الرأي ضعيف وليس له اي تطبيق امام
القضاء العراقي .
لذلك نص (
مشروع قانون مكافحة الفساد ) الذي اعدته هيئة النزاهة عام 2009 على تجريم هذا
الفعل بالقول :- (المادة -4 - يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات وبغرامة لا
تقل عن عشرة ملايين دينار كل موظف عمومي اجنبي او موظف مؤسسة دولية عمومية طلب او
قبل لنفسه او لغيره ، بشكل مباشر او غير مباشر ، عطية او منفعة او ميزة ، لصالحه
او لصالح غيره ، مقابل القيام باداء عمل من اعمال وظيفته او الامتناع عنه او
الاخلال بواجبات الوظيفة ([15]).
المطلب الثاني
المتاجرة بالنفوذ
نصت المادة ( 18 ) من الاتفاقية :- ( تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد
يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم الافعال التالية عندما ترتكب عمدا :-
أ- وعد موظف عمومي او اي شخص اخر باي مزية غير مستحقة او عرضها عليه او منحه اياها
، بشكل مباشر او غير مباشر ، لتحريض ذلك الموظف او الشخص على استغلال نفوذه الفعلي
او المفترض بهدف الحصول من ادارة او سلطة عمومية تابعة للدولة الطرف على مزية غير
مستحقة لصالح المحرض الاصلي على ذلك او لصالح شخص اخر . ب- قيام موظف عمومي او اي
شخص اخر ، بشكل مباشر او غير مباشر ، بالتماس او قبول اي مزية غير مستحقى لصالحه
هو او لصالح شخص اخر ، لكي يستغل ذلك الموظف العمومي او الشخص نفوذه الفعلي او
المفترض بهدف الحصول من ادارة او سلطة عمومية تابعة للدولة الطرف على مزية غير
مستحقة . )
تدعو هذه المادة الدول الاطراف الى النظر في تجريم شكلين من الافعال الاول
هو ( المتاجرة الفعلية بالنفوذ ) وفق الفقرة ( أ ) من المادة ، والثاني هو ( المتاجرة
السلبية بالنفوذ ) وفقا للفقرة ( ب ) من المادة . وقد تتشابه جريمة المتاجرة
بالنفوذ بجريمة الرشوة لانها تعكس صورا متشابه ، الا ان هناك فرقين رئيسيين :-
الاول هو ان الرشوة تكون في مقابل
قيام الموظف بعمل او الامتناع عن عمل في سياق اداءه واجباته ، اما المتاجرة
بالنفوذ فانه تعاطي المبالغ او المزايا غير المستحقة من اجل استعمال النفوذ على
ادارات عمومية للحصول على مزايا غير مستحقة .
والفرق الثاني ان الرشوة لا تقع الا لموظف ، اما المتاجرة بالنفوذ فانها قد
تقع من موظف وقد تقع من شخص عادي كرئيس حزب او شيخ عشيرة ، وهي فعل معروف بالعراق
بـ ( التوسط ) ولكن بمقابل .
ولم يسبق للمشرع العراقي ان جرم المتاجرة بالنفوذ لا بصورته الفعلية ولا
بصورته السلبية ، ولكنه جرم فعل قريب منه بنص المادة ( 233 ) من قانون العقوبات
رقم ( 111 ) لسنة 1969 :- ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة وبغرامة لا
تزيد على مائة دينار او باحدى هاتين العقوبتين كل موظف او شخص مكلف بخدمة عامة
توسط لدى حاكم او قاض او محكمة ، لصالح احد الخصوم او اضرارا به . ) كما جرم فعل
الاستجابة الى التوسط عند القضاة بنص المادة ( 234 ) منه :- ( يعاقب بالحبس
وبالغرامة او باحدى هاتين العقوبتين كل حاكم او قاض اصدر حكما ثبت بانه غير محق
وكان نتيجة التوسط لديه .) .
وقد تضمن مشروع
قانون ( مكافحة الفساد ) نصا يجرم صورتي المتاجرة بالنفوذ الفعلية والسلبية : (المادة
- 5- يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار
كل من اعطى او قدم او عرض او وعد موظفا او مكلفا بخدمة عامة او اي شخص بعطية او
منفعة او مزية غير مستحقة ، بشكل مباشر او غير مباشر ، لاستغلال نفوذه الفعلي او
المفترض ، بهدف الحصول على مزية غير مستحقة له او لغيره ، من ادارة او سلطة عمومية
او من جهة من جهات القطاع العام ([16]
).
المادة - 6-
يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار كل موظف او مكلف بخدمة عامة وكل
من طلب او قبل ، لنفسه او لغيره ، بشكل مباشر او غير مباشر ، عطية او منفعة او
مزية غير مستحقة ، او وعدا بشئ من ذلك ، لاستغلال نفوذه الفعلي او المفترض ، بهدف
الحصول من ادارة او سلطة عمومية او جهة من جهات القطاع العام على مزية غير مستحقة ([17]
).
المطلب
الثالث
اساءة استغلال الوظائف
دعت المادة (
19 ) من الاتفاقية الى تجريم ( اساءة استغلال الوظائف ) :- ( تنظر كل دولة طرف في
اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لكي تجرم تعمد موظف عمومي اساءة
استغلال وظائفه او موقعه ، اي قيامه او عدم قيامه بفعل ما لدى الاضطلاع بوظائفه ،
بغرض الحصول على مزية غير مستحقة لصالحه هو او لصالح شخص او كيان اخر ، مما يشكل
انتهاكا للقوانين . ) .
وتعرف هذه
الجريمة في القانون المصري باسم جريمة( التربح ) [18]،
ولها صور خاصة في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 تحت اسم جريمة ( الاختلاس ) اذ نصت المادة ( 318
) :- ( يعاقب بالسجن كل موظف او مكلف بخدمة عامة عهدت اليه المحافظة على مصلحة
للجهة التي يعمل فيها في صفقة او قضية فاضر بسوء نية او تسبب بالاضرار لهذه
المصلحة ليحصل على منفعة لنفسه او لغيره . )[19]
. الا ان هذا النص يشترط الحاق الضرر بالتعمد او بالتسبب بمصالح الجهة التي يعمل
فيها الموظف لتقوم الجريمة ، وهو شرط غير موجود بنص الاتفاقية . ولجريمة اساءة استغلال الوظائف صورة اخرى في
قانون العقوبات منها نص المادة ( 316 ) التي تنص :- ( يعاقب بالسجن كل موظف او
مكلف بخدمة عامة استغل وظيفته فاستولى بغير حق على مال او متاع او ورقة مثبتة لحق
او غير ذلك مملوك للدولة او لاحدى المؤسسات او الهيئات التي تسهم الدولة في مالها
بنصيب ما ن او سهل ذلك لغيره ، وتكون العقوبة مدة لا تزيد على عشر سنين اذا كان
المال او المتاع او الورقة او غيره مملوكا لغير من ذكر في الفقرة المتقدمة . )
ويختلف هذا النص عن نص الاتفاقية في انه ينحصر بمعاقبة من يستغل وظيفته فيستولي على
اموال الدولة او الغير ، في حين ان نص الاتفاقية اوسع من جهة ان الموظف فيها يتعمد
استغلال وظائفه او موقعه بغرض الحصول على مزية غير مستحقة لصالحه هو او لصالح شخص
او كيان اخر ، ولا ينحصر بالاستيلاء على مال الدولة او الغير كما هو بنص المادة (
316 ) من قانون العقوبات العراقي ، وكذلك نصت المادة ( 329 ) من قانون العقوبات
على صورة اخرى من صور استغلال الوظائف بقولها :- ( 1- يعاقب بالحبس وبالغرامة او
باحدى هاتين العقوبتين كل موظف او مكلف بخدمة عامة استغل وظيفته في وقف او تعطيل
تنفيذ الاوامر الصادرة من الحكومة او احكام القوانين والانظمة او اي حكم صادر من
احدى المحاكم او اية سلطة عامة مختصة او في تأخير تحصيل الاموال او الرسوم ونحوها
المقررة قانونا . 2- يعاقب بالعقوبة ذاتها كل موظف او مكلف بخدمة عامة امتنع عن
تنفيذ حكم او امر صادر من احدى المحاكم او من اية سلطة عامة مختصة بعد مضي ثمانية
من انذاره رسميا بالتنفيذ متى كان تنفيذ الحكم او الامر داخلا في اختصاصه . 3- تطبق
العقوبة ذاتها على الموظف او الوكيل الرسمي الذي :- يسرح ، ينزل درجة ، ينقل ،
يهدد ، يرهب ، يميز ضد ، يضايق ، ينتقم باي طريقة اخرى من اي شخص يبلغ او يتعاون
من لجنة النزاهة العامة او المفتش العام في الوزرارة او ديوان الرقابة المالية او
اي جهة حكومية اخرى مختصة بالتحقيق وفضح الفساد واساءة التصرف من قبل المسؤولين عن
المؤسسات العامة . )[20]
.
ونصت المادة (
334 ) من قانون العقوبات على صورة اخرى من صور استغلال النفوذ بقولها :- ( يعاقب
بالحبس وبالغرامة او باحدى هاتين العقوبتين كل موظف او مكلف بخدمة عامة استغل سلطة
وظيفته فاشترى عقارا او منقولا قهرا عن مالكه او استولى عليه او على منفعة او اي
حق اخر للغير بغير حق ، او اكره مالكه على اجراء اي تصرف مما ذكر لشخصه او لشخص
اخر ، او على تمكينه من الانتفاع به باي وجه من الوجوه ، ويحكم برد الشئ المغتصب
او قيمته ان لم يوجد عينا ، فضلا عن الحكم بالتعويض لمن لحقه ضرر من الجريمة ان
كان له داع . ) .
وجاءت المادة (
335 ) من قانون العقوبات بصورة اخرى بقولها :- ( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر
سنين او بالحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة استغل وظيفته فاستولى بغير حق على مال
او متاع او ورقة مثبتة لحق او غير ذلك مما وجد في حيازته بسبب وظيفته او سهل ذلك
لغيره ولم يكن ذلك بنية التملك . ) فالنص هنا يجرم استغلال الوظيفة للاستيلاء على
ما وجد في حيازة الموظف من الاموال ولكن ليس بنية التملك، وهذا هو الفرق عن جريمة
الاختلاس ، اما فرقها عن جريمة اساءة استغلال الوظائف حسب نص الاتفاقية فيتمثل
بعنصري الاستيلاء على مال بحيازة الموظف ولكن ليس بنية التملك ، في حين ان
الاتفاقية تتحدث عن الحصول ( وليس الاستيلاء ) على مزية غير مستحقة .
ونصت المادة (
338 ) من قانون العقوبات :- ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة وبغرامة لا
تزيد على مائتي دينار او باحدى هاتين العقوبتين كل موظف او مستخدم في دائرة رسمية
او شبه رسمية استغل وظيفته فأخذ لنفسه او لغيره من احد الناس بغير رضائه شيئا بدون
ثمن او بثمن بخس فضلا عن الحكم عليه برد الاشياء التي اخذها او دفع ثمنها كاملا ان
لم تكن موجودة على حالتها الاصلية . ) وتلك صور اخرى لاستغلال النفوذ الا انها
مختلفة عن نص الاتفاقية تماما .
اما المادة (
319 ) من قانون العقوبات فنصت :- ( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين او
بالحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة انتفع مباشرة او بالواسطة من الاشغال او
المقاولات او التعهدات التي له شأن في اعدادها او احالتها او تنفيذها او الاشراف
عليها ، ويعاقب بالعقوبة ذاتها اذا حصل على عمولة لنفسه او لغيره بشأن من الشؤون
المتقدمة .) الا ان هذا النص يعالج حالة خاصة من صور جريمة اساءة استغلال الوظائف
، ولا يغني – لا هو ولا النصوص السابقة - عن نص عام يجمع كل صور تلك الجريمة
المهمة من جرائم الفساد بنص واضح شامل .
فالعراق يجرم
صورا كثيرة من جرائم ( اساءة استغلال الوظائف ) ، الا انها لا تحقق شروط الاتفاقية
، لذا نص في مشروع قانون مكافحة الفساد على تجريم ( اساءة استخدام الوظائف )
بصياغة مأخوذة من نص الاتفاقية :- ( المادة - 7- يعاقب بالسجن وبغرامة تعادل قيمة
المزية المقصودة على ان لا تقل عن عشرة ملايين دينار كل موظف او مكلف بخدمة عامة
يسئ استغلال وظيفته او منصبه او موقعه عن طريق قيامه بفعل او امتناعه عن القيام
بفعل حين اداءه واجباته الرسمية بما يشكل انتهاكا للقوانين ، بهدف الحصول على مزية
غير مستحقة لنفسه او لغيره ([21]
).) .
المطلب
الرابع
الاثراء غير المشروع
نصت المادة (
20 ) من اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد :- ( تنظر كل دولة طرف ، رهنا
بدستورها والمبادئ الاساسية لنظامها القانوني ، في اعتماد ما قد يلزم من تدابير
تشريعية وتدابير اخرى لتجريم تعمد موظف عمومي اثراء غير مشروع ، اي زيادة موجوداته
زيادة كبيرة لا يستطيع تعليلها بصورة معقولة قياسا الى دخله المشروع . ) .
ويعد العراق من
اوائل الدول التي اخذت بتجريم الكسب غير المشروع ، اذ جرم لاول مرة بموجب ( قانون
الكسب غير المشروع على حساب الشعب ) رقم ( 15 ) لسنة 1958 المعدل بالقوانين (
36 ) لسنة 1958 ، و ( 65 ) لسنة 1958 ، و
( 65 ) لسنة 1960 ، و ( 30 ) لسنة 1963 ، الذي نصت مادته ( 4 ) :- ( يعد كسبا غير
مشروع على حساب الشعب :-
1- كل مال حصل عليه اي شخص من المذكورين بالمادة الاولى بسبب
اعمال او نفوذ او ظروف وظيفته او مركزه او بسبب استغلال شئ من ذلك .
2- كل مال حصل عليه اي شخص طبيعي او معنوي من طريق تواطئه
مع اي شخص اخر ممن ذكروا في المادة الاولى على استغلال وظيفته او مركزه .
3- كل مال لم يورده شخص من الاشخاص المذكورين في المادة
الاولى بالاقرار المقدم منه ، او اورده ولم يثبت مصدرا مشروعا له ، وكل زيادة ترد
في اقراراته التالية للاقرار الاول يعجز عن اثبات مصدرها المشروع .
وعلى العموم
يعتبر كسبا غير مشروع مال كل شخص مكلف بتقديم الاقرار طبقا لهذا القانون ولم يقدمه
، ما لم يثبت حصوله عليه بالطرق المشروعة . )
وقد الزم
القانون المذكور جميع موظفي الدولة بتقديم اقرارات عن ذممهم المالية بمادته (
الاولى ) المعدلة بالقانونين ( 36 ) لسنة 1958 في 10 / 11 / 1958 و ( 65 ) لسنة
1958 في 17 / 11 / 1958، التي نصت :- ( على رؤساء الوزرارت والوزراء والحكام
والقضاة والضباط والائمة ونواب الضباط بالقوات المسلحة والضباط والمفوضين ونواب المفوضين
بالشرطة ، وعلى كل موظف عام اخر - من غير العسكريين ورجال الشرطة - وكل مستخدم من
المستخدمين الذين يصدر بتحديد اصنافهم او فئاتهم قرار من مجلس الوزراء وعلى كل عضو
في مجلس الاعيان او النواب او احد المجالس البلدية او الادارية او في مجلس امانة
العاصمة ، ان يقدم خلال شهرين من تاريخ تعيينه او انتخابه اقرارا عن ذمته المالية
وذمة زوجته واولاده القصر في هذا التاريخ ، يتضمن بيان ما له من اموال منقولة -
عدا الاثاث الاعتيادي - او غير مفنقولة وعلى الاخص الاسهم والسندات والحصص في
الشركات وعقود التأمين والنقود والحلي والمعادن والاحجار الثمينة وما له من
استحقاق في الوقف وعليه من التزامات ) . وقد جرم القانون اربعة افعال لضمان تنفيذ
القانون بجدية وفاعلية ( عدم تقديم الاقرار المطلوب في المواعيد المقررة ) كما جرم
( ذكر بيانات غير صحيحة فيه ) وجرم ( الكسب غير المشروع ) ، وجرم ايضا ( اخفاء
المال المتحصل من كسب غير مشروع ) في
المواد الثالثة عشرة التي نصت :- ( 1- يعاقب على عدم تقديم الاقرارات والبيانات
المشار اليها في المادتين الاولى والثانية في المواعيد المقررة لذلك بالغرامة . 2-
ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بالغرامة او بكلتيهما كل من ذكر عمدا بيانات
غي صحيحة في تلك الاقرارات او البيانات او امتنع بغير عذر مشروع عن تقديم هذه
الاقرارات او البيانات . ) وفي المادة ( الخامسة عشرة ) بقولها :- ( كل شخص ممن
ذكروا بالمادة الاولى حصل على كسب غير مشروع يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس
سنوات او بالغرامة او بكلتيهما ) . وفي المادة الرابعة عشرة جرم اخفاء المال
المتحصل من كسب غير مشروع ، اذ نصت :- ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين او
بالغرامة او بكلتيهما كل من اخفى باية طريقة مالا متحصلا من كسب غير مشروع او
محكوم برده وفقا لاحكام هذا القانون متى كان يعلم حقيقة امره او لديه ما يحمله على
الاعتقاد بذلك . وعلى المحكمة ان تعفي المتهم من العقوبة المقررة اذا كان قد بادر
الى ابلاغ جهة الاختصاص في حق الموظف او من في حكمه ممن ذكروا في المادة الاولى او
اذا تبينت المحكمة انه اعلن اثناء البحث او التحقيق على كشف الحقيقة عن ذلك المال
او عن اموال اخرى حصل عليها احد من هؤلاء بطريقة غير مشروعة . ) .
ولا زال هذا القانون نافذا الا انه غير مطبق على ارض
الواقع ، رغم انه جاء بتنظيم قانوني افضل بكثير من التنظيم القانوني الذي جاء به
قانون هيئة النزاهة الملحق بالامر 55 لسنة 2004 .
وفي عام 2004
نص القانون النظامي الملحق بالامر ( 55 ) لسنة 2004 المؤسس لهيئة النزاهة على
الزام فئات معينة من كبار موظفي الدولة على ان يقدموا تقريرا سنويا يتضمن كشفا
بمصالحهم المالية هم وازواجهم واولادهم التابعين لهم حيث نص القسم ( 7 ) منه :- (
1- يقوم اول رئيس للهيئة خلال ثلاثين يوما من توليه لمنصبه ، باصدار لوائح تنظيمية
تقتضي من الاشخاص الذين تسري وتنطبق عليهم هذه اللوائح ان يقوموا كحد ادني بالكشف
سنويا عن المعلومات المطلوبة وتقديمها على الاستمارة الملحقة بهذه الوثيقة كالملحق
( أ ) .2- يكون الامتثال على وجه السرعة وبدون تأخير للوائح التنظيمية الصادرة عن
الهيئة بموجب هذا القانون النظامي شرطا للتوظيف .3- تتيح الهيئة للجمهور امكانية
الاطلاع على المعلومات وفحصها ونسخها هي والاستمارات المقدمة لها عملا باللوائح
التنظيمية الصادرة بموجب هذا القانون النظامي والتي تقتضي من المسؤولين الكشف عن
مصالحهم المالية 4- تقوم الهيئة بمراجعة التقارير التي يقدمها المسؤولون عن
مصالحهم المالية وتدقق المعلومات الواردة فيها ، وتحقق فيها وفقا لما يكون مناسبا
بغية الامتثال الصادق لمتطلبات الكشف عن المصالخ المالية .) ونص البند ( 5 ) من
القسم ( 2 ) :- ( تعني عبارة الاشخاص الذين تسري عليهم متطلبات الكشف عن المصالح
المالية :- أ- اعضاء مجلس الحكم ونوابهم . ب- الوزراء ونوابهم . ج- المحافظين . د-
القضاة . هـ- رئيس الهيئة ونائبه وجميع المدراء ومحققي الهيئة . و- اعضاء الهيئة
التشريعية الوطنية لما بعد الانتقال . ز- المسؤول التنفيذي الرئيسي للعراق اثناء
فترة الانتقال وبعدها . )
وقد اصدرت
الهيئة اللائحة التنظيمية للكشف عن المصالح المالية رقم ( 1 ) لسنة 2005 الزمت
بموجبها الفئات المذكورة اعلاه - اضافة الى كل موظف بدرجة مدير عام فاعلى وضباط
شرطة والجيش من رتبة نقيب فأعلى واصحاب الدرجات الخاصة – بان يقدموا ثلاثة انواع
من التقارير للكشف عن ذممهم المالية الاول هو التقرير الاولي حالما يتولى الشخص
المنصب المشمول ، والثاني هو التقرير السنوي مادام شاغلا للمنصب ، والثالث هو
التقرير الختامي حينما تنقطع صلته بالمنصب .
الا ان نظام
الكشف عن الذمة المالية الذي جاء به قانون هيئة النزاهة لعام 2004 ظل مبتورا لانه
لم يجرم الكسب او الاثراء غير المشروع ، لذلك تضمن مشروع قانون هيئة النزاهة الذي
رفع الى مجلس النواب للنظر بتشريعه منذ عام 2008 تضمن نصوصا جرمت ( الاثراء غير
المشروع ) وجاءت بمبادئ مهمة اخرى في الفصل التاسع منه تحت عنوان ( الكسب غير المشروع
) :-
( المادة - 17 - تصدر الهيئة تعليمات تنشر في الجريدة الرسمية لتنظيم احكام
ومبادئ الالزام بتقديم تقارير الكشف عن الذمم المالية من المكلفين بتقديمها طبقا
لاحكام هذا القانون .
المادة - 18 - يكلف كل من يشغل احد المناصب او الوظائف التالية بتقديم تقرير
الكشف عن الذمة المالية الى الهيئة عن اموالهم واموال ازواجهم واولادهم التابعين
لهم :-
اولا :- رئيس الجمهورية ونوابه .
ثانيا :- اعضاء السلطة التشريعية .
ثالثا :- رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ومن هم بدرجتهم ووكلائهم
والموظفون بدرجة خاصة .
رابعا :- رئيس مجلس القضاء الاعلى والقضاة .
خامسا:- رؤساء الأقاليم ورؤساء وزراءها و وزراءها ووكلائهم .
سادسا :- رؤساء الوحدات الادارية ورؤوساء واعضاء مجالسها والمدراء العامون
فما فوق .
سابعا :- رؤساء الهيئات المستقلة ووكلائهم او نوابهم .
ثامنا :- قادة الفيالق والفرق ورؤساء الاجهزة الامنية .
تاسعا :- محققو الهيئة .
المادة - 19 - اولا :- يعد تخلف المكلف عن تقديم تقرير الكشف عن الذمة
المالية في موعده جريمة امتناع عن الاخبار عن معلومات الزامية التقديم . وتتولى
الهيئة تحريك الشكوى الجزائية بحقه بعد انذاره بكتاب يوجه اليه لتقديم التقرير
خلال ستين يوما من تاريخ ورود انذار الهيئة اليه
.
ثانيا :- تمتنع الجهة التي ينتسب اليها المكلف عن صرف رواتبه ومستحقاته
المالية حال انتهاء مدة انذاره المنصوص عليها في البند ( اولا ) من هذه المادة دون
تقديمه تقرير الكشف عن الذمة المالية ، ولا تصرف اليه الا بعد ايداعه التقرير الى
الهيئة بناء على اشعار منها .
المادة - 20- اولا :- لدائرة الوقاية مراجعة تقارير الكشف عن الذمة المالية
المقدمة اليها ، ولها التقصي و جمع المعلومات والتحري عن اموال وموارد المكلف
وزوجته واولاده التابعين له للتحقق من عدم وجود اموال لم يصرح بها في التقرير ،
ولها ايضا التحقق بكل الوسائل بضمنها الاستعانة بذوي الخبرة عن حالات الكسب غير
المشروع وعن مدى زيادة اموال المكلف او زوجته او اولاده التابعين له بما لا يتناسب
مع مواردهم الحقيقية .
ثانيا :- تلتزم جميع الجهات التي تمتلك معلومات عن اموال وموارد المكلف او
زوجه او اولاده التابعين له بتزويد الهيئة بما توفر لديها من معلومات وحقائق عن
ذلك بناء على طلبها .
ثالثا :- يشعر البنك المركزي العراقي الهيئة بكل عمليات ايداع او سحب او
نقل او تداول لاموال المكلفين او ازواجهم او اولاهم التابعين لهم في المصارف خلال
سبعة ايام من تاريخ اجرائها .
رابعا :- تشعر دائرة التسجيل العقاري المختصة الهيئة في حالة شراء ايا من
المكلفين او ازواجهم او اولادهم التابعين لهم لاي عقار ، ويتم تسجيله لديها خلال
ثلاثين يوما من تاريخ التسجيل .
خامسا :- لاغراض تطبيق هذا القانون يجوز اثبات ملكية الاموال المسجلة في
السجلات الرسمية بكافة وسائل الاثبات الى غير من سجلت باسمه .
المادة - 21 - كل زيادة في اموال المكلف بتقديم تقرير الكشف عن الذمة
المالية او اموال زوجه او احد اولاده التابعين له لا يتناسب مع مواردهم العادية
يعد كسبا غير مشروع ما لم يُثبت المكلف انه قد تم كسبه من مصادر مشروعة .
المادة - 22 - ترفع الهيئة امر من تنسب اليه كسبا غير مشروع الى قاضي
التحقيق ، الذي يقيم المكلف ضمن اختصاصه المكاني ، لينظر في تكليفه باثبات مصادر
مشروعة للزيادة التي ظهرت في امواله او في اموال زوجه او في اموال احد اولاده
التابعين له خلال مدة يحددها علـى ان لا تقل عن ( 90 ) تسعين يوما .
المادة - 23 - كل من تخلف او عجز ، بعد تكليفه من قاضي التحقيق ، عن اثبات
مصادر مشروعة للزيادة في امواله او اموال زوجه او اولاده التابعين له بما لا
يتناسب مع مواردهم يعاقب بالحبس وبغرامة مساوية لقيمة الكسب غير المشروع او باحدى
هاتين العقوبتين ومصادرة الكسب غير المشروع .
المادة - 24- للهيئة اتاحة تقارير الكشف عن الذمم المالية للجمهور ، والاذن
لهم بفحصها او نسخها ، ولها نشر ملخصات عنها في وسائل الاعلام المختلفة . ) .
المطلب الخامس
الرشوة في القطاع
الخاص
نصت المادة ( 21 ) من الاتفاقية :- ( تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد
يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم الافعال التالية ، عندما ترتكب اثناء
مزاولة انشطة اقتصادية او مالية او تجارية :- أ- وعد اي شخص يدير كيانا تابعا
للقطاع الخاص ، او يعمل لديه بأي صفة ، بمزية غير مستحقة او عرضها عليه او منحه
اياها ، بشكل مباشر او غير مباشر ، سواء لصالح الشخص نفسه او لصالح شخص اخر ، لكي
يقوم ذلك الشخص بفعل ما او يمتنع عن القيام بفعل ما ، مما يشكل اخلالا بواجباته .
ب- التماس اي شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص ، او يعمل لديه بأي صفة ، او
قبوله ، بشكل مباشر او غير مباشر ، مزية غير مستحقة ، سواء لصالح الشخص نفسه او
لصالح شخص اخر ، لكي يقوم ذلك الشخص بفعل ما ، مما يشكل اخلالا بواجباته . ) .
لم يسبق للنظام
القانوني العراقي ان عرف ( جريمة الرشوة في القطاع الخاص ) لا بصورة الرشو ولا
بصورة الارتشاء ، الا ان ( مشروع قانون مكافحة الفساد ) نص لاول مرة في تاريخ
العراق على تجريم هذا الفعل بصورتيه ( الرشو والارتشاء ) استجابة للاتفاقية في المادتين
8 و9 منه :- ( المادة - 8 - يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علــى سنة وبغرامة لا تقل
عــــن خمسة ملايين دينار كل من اعطى او قدم او عرض او وعد ، شخصا يدير منظمة غير
حكومية او شركة خاصة او كيان من كيانات القطاع الخاص او شخصا يعمل في ايا منها باي
صفة ، بعطية او منفعة او مزية غير مستحقة ، بشكل مباشر او غير مباشر ، لصالحه او
لصالح غيره ، للقيام بفعل او الامتناع عن القيام بفعل بما يشكل اخلالا بواجباته ،
اثناء مزاولة نشاط او انشطة اقتصادية او مالية او تجارية.
المادة - 9 -
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سـنـة وبغرامة لا تقل عــن خمسة ملايين دينار كل من
يدير منظمة غير حكومية او شركة خاصة او احد الكيانات التابعة للقطاع الخاص ، او
يعمل في ايا منها باي صفة ، طلب او قبل ، لنفسه او لغيره ، عطية او منفعة او مزية
غير مستحقة ، او وعدا بشئ من ذلك ، مقابل قيامه بفعل او امتناعه عن القيام بفعل
بما يشكل اخلالا بواجباتــه ، اثناء مزاولة نشاط او انشطة اقتصادية او مالية او
تجارية . ) .
المطلب
السادس
اختلاس ممتلكات القطاع الخاص
نصت المادة (
22 ) من الاتفاقية تحت عنوان ( اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص ) :- ( تنظر كل
دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم تعمد شخص
يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص ، او يعمل فيه باي صفة ، اثناء مزاولته نشاط
اقتصادي او مالي او تجاري ، اختلاس اي ممتلكات او اموال او اوراق مالية خصوصية او
اي اشياء اخرى ذات قيمة عهد بها اليه بحكم موقعه . )
يذهب رأي الى
ان العراق يستجيب لمتطلبات تجريم اختلاس ممتلكات القطاع الخاص بموجب جريمة خيانة
الامانة بموجب نص المادة ( 453 ) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 :- ( كل من
اؤتمن على مال منقول مملوك للغير او عهد اليه به باي كيفية كانت او سلم له لاي غرض
كان فاستعمله بسوء قصد لنفسه او فائدته او لفائدة شخص اخر او تصرف به بسوء قصد
خلافا للغرض الذي عهد به اليه او سلم له من اجله حسب ما هو مقرر قانونا او حسب
التعليمات الصريحة او الضمنية الصادرة ممن سلمه اياه او عهد به اليه يعاقب بالحبس
وبالغرامة . وتكون العقوبة الحبس اذا كان مرتكب الجريمة من محترفي نقل الاشياء برا
او بحرا او جوا او احد تابعيه وكان المال قد سلم اليه بهذه الصفة ، او كان محاميا
او دلالا او صيرفيا سلم اليه بمقتضى مهنته او اذا ارتكب الجريمة كاتب او مستخدم
بخصوص مال سلمه اليه من استخدمه .وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات
او الحبس اذا كان مرتكب الجريمة شخصا معينا بامر المحكمة بخصوص مال عهدت به اليه
المحكمة او كان وصيا او قيما على قاصر او فاقد الاهلية او كان مسؤولا عن ادارة
مؤسسة خيرية بشأن اموال المؤسسة . ) .
ومع الاتفاق مع
ذلك الرأي [22]،
الا ان مشروع قانون مكافحة الفساد نص على تجريم اختلاس ممتلكات القطاع الخاص بنص
خاص لسبيبن :-
الاول :- هو تشديد العقوبة بشقها المتعلق
بالغرامة بجعلها معادلة للمال المختلس على شرط ان لاتقل عن خمسة ملايين دينار في
كل الاحوال ، لان العقوبات يجب ان تميل الى ان تكون من صنف الجرائم دائما .
الثاني هو
الرغبة في افراد تلك الجريمة بنص خاص واضح لتركيز الضوء لها ، وقطع الشك في
استجابة العراق لتجريم هذا الفعل طبقا لما نصت عليه الاتفاقية .
اذ نصت المادة -
10 – من مشروع قانون مكافحة الفساد :- ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات
وبغرامة تعادل قيمة المال المختلس ، على ان لا تقل عن خمسة ملايين دينار ، كل من
يدير منظمة غير حكومية او شركة خاصة او أي كيان من كيانات القطاع الخاص او يعمل في
ايا منها باي صفة ، اختلس ، اثناء مزاولة نشاط اقتصادي او مالي او تجاري ، ممتلكات
او اموال او اوراق مالية خصوصية او اية اشياء اخرى ذات قيمة ، عهد بها اليه بحكم
عمله او موقعه . ) .
المطلب السابع
الاخفاء
دعت الاتفاقية
الدول الاطراف للنظر في تجريم اخفاء الممتلكات او مواصلة الاحتفاظ بها مع العلم
بكونها متأتية من جريمة فساد بنص المادة ( 24 ) منها :- ( دون مساس باحكام المادة
23 من هذه الاتفاقية ، تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية
وتدابير اخرى لتجريم القيام عمدا ، عقب ارتكاب اي من الافعال المجرمة وفقا لهذه
الاتفاقية دون المشاركة في تلك الجرائم ، باخفاء ممتلكات او مواصلة الاحتفاظ بها
عندما يكون الشخص المعني على علم بان تلك الممتلكات متأتية من اي من الافعال
المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية . ) .
ويستجيب العراق
لهذه المادة بنص المادتين ( 460 ) و (461 ) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969
اذ تنص المادة ( 460 ) :- ( مع عدم الاخلال باية عقوبة اشد يقررها القانون يعاقب
بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات من حاز او اخفى او استعمل اشياء متحصلة من جناية
او تصرف فيها على اي وجه مع علمه بذلك . ويعاقب بالحبس اذا كانت الجريمة التي
تحصلت منها تلك الاشياء جنحة على ان لا تزيد العقوبة عن الحد الاقصى المقرر لعقوبة
الجنحة التي تحصلت منها تلك الاشياء ، كل ذلك دون ان يكون الحائز او المخفي او
المستعمل او المتصرف قد ساهم بارتكاب الجريمة التي تحصلت منها الاشياء ) .
ونصت المادة (
461 ) :- ( من حصل على شئ من جناية او جنحة وكان ذلك في ظروف تحمله على الاعتقاد
بعدم مشروعية مصدره يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائة
دينار او باحدى هاتين العقوبتين ) .
ونصت المادة (
462 ) من القانون المذكور :- ( يعفى مرتكب الجريمة المبينة في المادتين 460 و461
من العقاب اذا بادر الى اخبار السلطات العامة عن مرتكبي الجريمة التي تحصلت منها
الاشياء قبل مبادرة تلك السلطات بالبحث والاستقصاء عن اولئك الجناة . اما اذا حصل
الاخبار بعد قيام تلك السلطات بالتحقيق فلا يعفى من العقاب بل يعتبر الاخبار عذرا
مخففا . ) .
النتيجة النهائية لـ :- موقف العراق من مقتضيات
التجريم الاختيارية :-
1- انه يستجيب بشكل كامل الى تجريم فعلي الاخفاء ، واختلاس
ممتلكات القطاع الخاص ، وهو يستجيب جزئيا الى تجريم اساءة استغلال الوظيفة والاثراء
غير المشروع .
2- هو لا يستجيب مطلقا الى مقتضيات تجريم ارتشاء الموظف
العمومي الاجنبي وموظف المؤسسات الدولية العمومية ، ولا الى الرشوة في القطاع
الخاص ، ولا الى المتاجرة بالنفوذ .
3- هناك مشروع قانون يكمل استجابة العراق الى مقتضيات
التجريم الاختيارية ، ويشدد العقوبات بشأنها .
المبحث الثالث
تجريم المشاركة
والشروع والاعداد
ومسؤولية الاشخاص الاعتبارية
تناولت اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد موضوع
تجريم المشاركة والشروع والاعداد لجريمة الفساد في المادة ( 27 ) منها ، وتناولت
الدعوة الى تقرير مسؤولية الاشخاص الاعتبارية في المادة ( 26 ) منها ، لذا سنخصص
المطلب الاول للبحث في تجريم المشاركة والشروع والاعداد لجرائم الفساد ، ونخصص
المطلب الثاني لمسؤولية الاشخاص المعنوية .
المطلب الاول
تجريم المشاركة
والشروع والاعداد لجرائم الفساد
دعت اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد الى تجريم
الاشتراك والشروع والاعداد في جرائم الفساد بموجب المادة ( 27 ) منها التي نصت :- ( 1-
تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لكي تجرم ، وفقا لنظامها
الداخلي ، المشاركة باي صفة كطرف متواطئ او مساعد او محرض مثلا في فعل مجرم وفق
لهذه الاتفاقية . 2- يجوز لكل دولة طرف ان تعتمد ما قد يلزم من تدابير تشريعية
وتدابير اخرى لكي تجرم ، وفقا لقانونها الداخلي ، أي شروع في ارتكاب فعل مجرم وفقا
لهذه الاتفاقية . 3- تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى
لكي تجرم ، وفقا لنظامها الداخلي ، الاعداد لارتكاب فعل مجرم وفقا لهذه الاتفاقية
.)
تضمن هذا النص نوعين من المقتضيات الاول مقتضيات الزامية
هي تجريم المشاركة في جرائم الفساد ، اما الثاني فانه مقتض اختياري تضمن الدعوة
الى تجريم :- 1- الشروع في جرائم الفساد . 2- تجريم الاعداد لجرائم الفساد .
وسنبحث في فرعين موقف المشرع العراقي من المقتضيين الالزامي والاختياري .
الفرع الاول
المشاركة في ارتكاب
جرائم الفساد
الزمت الاتفاقية الدول الاطراف بموجب الفقرة ( 1 ) من
المادة ( 27 ) تجريم المشاركة في ارتكاب جرائم الفساد ، باي صفة سواء كطرف متواطئ
او مساعد او محرض [23].
وقد جرم قانون العقوبات العراقي المشاركة في ارتكاب الجرائم
- باطار عام - في المادة ( 48 ) التي نصت :- ( يعد شريكا في الجريمة :- 1- من حرض
على ارتكابها فوقعت بناء على هذا التحريض . 2- من اتفق مع غيره على ارتكابها فوقعت
بناء على هذا الاتفاق . 3- من اعطى الفاعل سلاحا او آلات او أي شئ اخر مما استعمل
في ارتكاب الجريمة مع علمه بها او ساعده عمدا باي طريقة اخرى في الاعمال المجهزة
او المسهلة او المتممة لارتكابها . ) .
فهناك ثلاث صور للاشتراك في القانون العراقي هي 1-
التحريض . 2- الاتفاق . 3- المساعدة .
وقد قرر القانون عقوبة للشريك هي نفس عقوبة الفاعل
الاصلي بموجب المادة ( 50 ) من قانون العقوبات التي نصت :- ( 1- كل من ساهم بوصفه
فاعلا او شريكا في ارتكاب جريمة يعاقب بالعقوبة المقررة لها ما لم ينص القانون على
خلاف ذلك . 2- يعاقب الشريك بالعقوبة المنصوص عليها قانونا ولو كان فاعل الجريمة
غير معاقب بسبب عدم توفر القصد الجرمي لديه او لاحوال اخرى خاصة به . ) .
وهذا الاطار العام في تجريم الاشتراك - طبقا للقانون
العراقي - صالح للاخذ به في جميع جرائم الفساد المجرمة طبقا للقانون العراقي
باعتباره قاعدة عامة ، وسيشمل - بوصفة قاعدة عمومية في جميع الجرائم - أي فعل فساد
سيجرم لاحقا .
الفرع الثاني
تجريم الشروع
والاعداد لجريمة الفساد
ذكرنا ان الاتفاقية دعت الدول الاطراف الى النظر في
تجريم الشروع في جرائم الفساد وتجريم الاعداد لجرائم الفساد اختياريا وفقا لنص
الفقرتين 2 و3 من المادة ( 27 ) منها [24].
وفيما يتعلق بموقف العراق من هاتين النقطتين ، فقد جرم
قانون العقوبات - في اطار قاعدة عامة تشمل جميع الجرائم – الشروع في ارتكاب
الجريمة ، اذ عرفه بنص المادة ( 30 ) منه :- ( وهو البدء بتنفيذ فعل بقصد ارتكاب
جناية او جنحة اذا اوقف او خاب اثره لاسباب لا دخل لارادة الفاعل فيها ، ويعتبر
شروعا كل فعل صدر بقصد ارتكاب جناية او جنحة مستحيلة التنفيذ اما لسبب يتعلق
بموضوع الجريمة او بالوسيلة التي استعملت في ارتكابها ما لم يكن اعتقاد الفاعل
صلاحية عمله لاحداث النتيجة مبنيا على وهم او جهل مطبق ، ولا يعد شروعا مجرد العزم
على ارتكاب الجريمة ولا الاعمال التحضيرية لذلك ما لم ينص القانون على خلاف ذلك .
) .
وعاقب على الشروع بعقوبة اخف بدرجة واحدة من الحد الاعلى
لعقوبة الجريمة التامة ، او في حدود نصف حدها الاقصى ، في المادة ( 31 ) منه التي
نصت :- ( يعاقب على الشروع في الجنايات والجنح بالعقوبات التالية ما لم ينص
القانون على خلاف ذلك :- أ- السجن المؤبد اذا كانت العقوبة المقررة للجريمة
الاعدام . ب- السجن لمدة لا تزيد على خمس عشرة سنة اذا كانت العقوبة المقررة
للجريمة السجن المؤبد . ج- السجن مدة لا تزيد على نصف الحد الاقصى للعقوبة المقررة
للجريمة اذا كانت العقوبة السجن المؤبد فأذا كان نصف حدها الاقصى خمس سنوات او اقل
فتكون العقوبة عندئذ الحبس لمدة لا تزيد على نصف مدة الحد الاقصى للعقوبة المقررة
للجريمة . د- الحبس او الغرامة التي لا تزيد عن نصف الحد الاقصى لعقوبة الحبس او
الغرامة المقررة للجريمة اذا كانت العقوبة المقررة للجريمة الحبس او الغرامة .
ولكنه نص على انزال العقوبات التبعية والتكميلية
والتدابير الاحترازية المقررة للجريمة التامة على الشارع في الجريمة حسب المادة (
32 ) من قانون العقوبات التي نصت :- ( تسري على الشروع الاحكام الخاصة بالعقوبات
التبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية المقررة للجريمة التامة . ) .
فيكون الشروع في جميع جرائم الفساد مجرما طبقا للقانون
العراقي كقاعدة عامة تشملها مع غيرها من الجرائم .
اما الاعداد لجريمة الفساد فان المشرع العراقي رفض تجريم
الاعمال التحضيرية ونص صراحة في المادة ( 30 ) من قانون العقوبات على عدم عدها
شروعا بقوله في عجزها :- ( ولا يعد شروعا مجرم العزم على ارتكاب الجريمة ولا
الاعمال التحضيرية لذلك ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك . ) .
الا ان قانون العقوبات النافذ نص على تجريم فعل الاتفاق
الجنائي في الجنايات ، وثلاثة اصناف من الجنح في المادة ( 55 ) منه التي نصت :- (
يعد اتفاقا جنائيا اتفاق شخصين او اكثر على ارتكاب جناية او جنحة من جنح السرقة
والاحتيال والتزوير سواء كانت معينة او غير معينة او على الافعال المجهزة او
المسهلة لارتكابها متى كان الاتفاق منظما ولو في مبدا تكوينه ، مستمرا ولو لمدة
قصيرة ، ويعد الاتفاق جنائيا سواء كان الغرض النهائي منه ارتكاب الجرائم او
اتخاذها وسيلة للوصول الى غرض مشروع . ) .
ونصت المادة ( 56 ) على العقوبات على الاتفاق الجنائي
بقولها :- ( 1- يعاقب كل عضو في اتفاق جنائي ولو لم يشرع في ارتكاب الجريمة المتفق
عليها بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات اذا كانت الجريمة المتفق على ارتكابها
جناية ، وبالحبس مدة لا تزيد على سنتين او بغرامة لا تزيد على مائة وخمسين دينارا
اذا كانت الجريمة جنحة وذلك ما لم ينص القانون على عقوبة خاصة للاتفاق . 2- اذا
كان الغرض من الاتفاق ارتكاب جريمة معينة وكانت عقوبتها اخف مما نص عليه في الفقرة
السابقة فلا توقع عقوبة اشد من ربع الحد الاقصى للعقوبة المقررة لتلك الجريمة . )
كما عاقبت المادة ( 57 ) السعي الى تكوين اتفاق جنائي
بقولها :- ( كل من سعى الى تكوين اتفاق جنائي او كان له دور رئيسي فيه يعاقب
بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات اذا كانت الجريمة المتفق على ارتكابها جناية
وبالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بالغرامة او بهما اذا كانت الجريمة جنحة .
2- اذا كان الغرض من الاتفاق ارتكاب جريمة معينة وكانت عقوبتها اخف مما نص عليه في
الفقرة السابقة فلا توقع عقوبة اشد من ربع الحد الاقصى للعقوبة المقررة لتلك
الجريمة . )
كما جرمت المادة ( 58 ) من قانون العقوبات تسهيل
اجتماعات اعضاء الاتفاق الجنائي او ايوائهم او مساعدتهم عمدا بقولها :- ( يعاقب
بالعقوبة المقررة في المادة ( 56 ) – بحسب الاحوال – كل من سهل للاعضاء في الاتفاق
او لفريق منهم اجتماعاتهم او آواهم او ساعدهم باية صورة مع علمه بالغرض من الاتفاق
. )
والاتفاق الجنائي والصورتين التابعتين له - المشار
اليهما اعلاه - هي الصور الوحيدة المجرمة من الاعمال التي تسبق البدء بتنفيذ الركن
لمادي للجريمة او الشروع فيها ، وهي قاعدة عامة تشمل جميع الجرائم بضمنها جرائم
الفساد بكل صورها .
اما عموم الاعداد للجرائم فغير مجرم طبقا للنظام
القانوني العراقي الحالي ، الا ان مشروع قانون مكافحة الفساد تضمن نصا لتجريم
الاعداد لجرائم الفساد ، اذ نصت المادة (12 ) منه :- ( يعد الاعداد لجريمة الفساد
بحكم الشروع فيها ، ويعاقب من يعد لجريمة فساد بنفس العقوبات المقررة في القانون
لمن شرع فيها . ) .
المطلب الثاني
مسؤولية الاشخاص
الاعتبارية
اوجبت المادة ( 26 ) من الاتفاقية على الدول الاطراف
تقرير مسؤولية الشخصيات الاعتبارية عن ارتكاب جرائم الفساد واوجبت اخضاعها الى
عقوبات جنائية او غير جنائية فعالة ومتناسبة ورادعة بقولها :- ( 1- تعتمد كل دولة
طرف ما قد يلزم من تدابير ، تتسق مه مبادئها القانونية ، لتقرير مسؤولية الشخصيات
الاعتبارية عن المشاركة في الافعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية . 2- رهنا
بالمبادئ القانونية للدولة الطرف ، يجوز ان تكون مسولية الشخصيات الاعتبارية
جنائية او مدنية او ادارية . 3- لا تمس تلك المسؤولية بالمسؤولية الجنائية
للشخصيات الطبيعية التي ارتكبت الجرائم . 4- تكفل كل دولة طرف ، على وجه الخصوص ،
اخضاع الشخصيات الاعتبارية التي تلقى عليها المسؤولية وفقا لهذه المادة لعقوبات
جنائية او غير جنائية فعالة ومتناسبة ورادعة ، بما فيها العقوبات النقدية . ) .
فالاتفاقية تدعو – وجوبيا – الى :- 1- تقرير المسؤولية
الجزائية للاشخاص المعنوية عن جرائم الفساد . 2- ان يظل الاشخاص الطبعيين مسؤولين
عن الجرائم ، رغم قيام مسؤولية الاشخاص المعنوية التي ارتكبو الجرائم باسمها او
لمصلحتها . 3- ان تخضع الاشخص المعنوية لعقوبات فعالة ورادعة ومتناسبة بما فيها
العقوبات النقدية .
لقد استجاب المشرع العراقي لكل ذلك بنص المادة ( 80 ) من
قانون العقوبات فقرر المسؤولية الجزائية للاشخاص المعنوية ، واخضعها لعقوبة نقدية
هي الغرامة اضافة الى المصادرة والتدابير الاحترازية المقررة للجريمة ، وابقى على
مسؤولية الاشخاص الطبيعيين مرتكبي الجرائم باسمها او لحسابها ، اذ نصت المادة
المذكورة :- ( الاشخاص المعنوية ، فيما عدا مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه
الرسمية ، مسؤولة جزائيا عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوها او مديروها او وكلائها لحسابها
او باسمها . ولا يجوز الحكم عليها بغير الغرامة والمصادرة والتدابير الاحترازية
المقررة للجريمة قانونا ، فأذا كان القانون يقرر للجريمة عقوبة اصلية غير الغرامة
ابدلت بالغرامة ولا يمنع ذلك من معاقبة مرتكب الجريمة شخصيا بالعقوبات المقررة
للجريمة في القانون . ) .
النتيجة النهائية لـ :- تجريم المشاركة والشروع والاعداد ومسؤولية الاشخاص
الاعتبارية .
1- ان العراق يجرم بقاعدة عامة المشاركة في ارتكاب الجريمة بصورها الثلاث
التحريض والمساعدة والاتفاق . ويعاقب الشريك بنفس عقوبة الفاعل الاصلي .
2- يجرم المشرع العراقي بقاعدة عامة
الشروع في جميع الجرائم . ويعاقب عليه بما لا يقل عن نصف الحد الاقصى للعقوبة
المقررة للجريمة .
3- لا يجرم القانون العراقي الاعداد لجريمة الفساد بقاعدة عامة ، الا انه يجرم
الاتفاق الجنائي . وقد تضمن مشروع قانون مكافحة الفساد نصا جرم الاعداد لجريمة
الفساد وعده بحكم الشروع في الجريمة .
4- يقرر المشرع العراقي مسؤولية الاشخاص الاعتبارية ( المعنوية ) عن الجرائم
المرتكبة لحسابها او باسمها ، ويفرض عليها عقوبات الغرامة والمصادرة والتدابير
الاحترازية المقررة للجريمة ، وينص على بقاء الاشخاص الطبيعية مسؤولين عـن الجرائم
التي ارتكبوها باسم الشخص المعنوي او لحسابه .
أي ان العراق يستجيب للمقتضيات الالزامية بشأن تجريم المشاركة ومسؤولية
الاشخاص الاعتبارية ، كما انه يستجيب لتجريم الشروع كما يجرم الاتفاق الجنائي،
ولديه مشروع قانون لتجريم الاعداد لجريمة الفساد .
المصادر :-
1- الدليل التشريعي لتنفيذ اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد . الامم
المتحدة .
2- ظاهرة الفساد – دراسة في مدى مواءمة التشريعات العربية لاحكام اتفاقية
الامم المتحدة لمكافحة الفساد – د . سليمان عبد المنعم .
3- التقارير السنوية لهيئة النزاهة للاعوام 2008 و2009 و2010 و2011 .
4- قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 .
5- قانون الكسب غير المشروع على حساب الشعب رقم 15 لسنة 1958 وتعديلاته .
6- قانون هيئة النزاهة الملحق بالامر 55 لسنة 2004 .
7- اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 .
[1]
- والحبس في القانون العراقي نوعين حبس بسيط وحبس شديد ،
اما الحبس الشديد فهو سلب الحرية لمدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد على خمس
سنوات ، اما الحبس البسيط فانه سلب الحرية لمدة لا تقل عن 24 ساعة ولا تزيد على
سنة . انظر المادتين 88 و89 من قانون العقوبات .
[3]
- التقرير السنوي لهيئة النزاهة لعام 2009 – ص4 – شركة الانس
للطباعة والنشر والتوزيع المحدودة . وكان من اهم اسباب انخفاض عدد المحكومين لعامي
2008 و2009 عن جرائم الرشوة هو صدور قانون العفو العام رقم 19 لسنة 2008 الذي شمل
من ضمن من شملهم العفو ، المتهمين بجرائم الرشوة .
[4]
- التقرير السنوي لهيئة النزاهة لعام 2010 ص17 و19 .
[7]
- التقرير السنوي لهيئة النزاهة لعام 2009 – ص4 – شركة الانس
للطباعة والنشر والتوزيع المحدودة .
[10]
- اودع العراق نسخة من قانون مكافحة غسيل الاموال رقم ( 93 )
لسنة 2004 الى الامين العام للامم المتحدة تطبيقا لهذا النص .
[11]
- اذ لابد من وقوع جريمة اصلية سابقة عليهما هي التي يتحصل منها
الاموال او المتلكات التي يتم اخفائها او التي يتم غسلها او تبييضها ، كما ان
الركن المادي يكاد يتشابه الى حد بعيد في كل من الجريمتين فهو يتمثل في حيازة او
اكتساب او استخدام اموال او ممتلكات يعلم الشخص بكونها متحصلة عن جريمة سابقة هي
في اطار الاتفاقية أي من جرائم الفساد كما ان كلا الجريمتين لابد ان ترتكب عمدا ،
ورغم ذلك فان خصوصية جريمة غسل الاموال تتمثل في انها تستوعب الفروض التي تتم
بوسائل التمويه المختلفة والتقنيات المصرفية وهي فروض قد لا تندرج بالضرورة ضمن
حرفية النموذج القانوني لغسل الاموال . نقلا عن د سليمان عبد المنعم – ظاهرة
الفساد – ص 69 .
[12]
- عقوبة شهادة الزور هي الحبس والغرامة او احدى هاتين
العقوبتين وفقا لنص المادة ( 252 ) من قانون العقوبات ، والحبس هو تقييد الحرية
لمدة لا تقل عن ( 24 ) ساعة ولا تزيد على خمس سنوات .
[13]
- الجهات المذكورة في المادة ( 251 ) هي :- محكمة مدنية
او ادارية او تأديبية او محكمة خاصة او سلطة من سلطات التحقيق .
[15]
- تستجب لنص المادة ( 16 / 2 ) من الاتفاقية التي نصت :-
( تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم
قيام موظف عمومي اجنبي او موظف في مؤسسة دولية عمومية عمدا بشكل مباشر او غير
مباشر بالتماس او قبول مزية غير مستحقة سواء لصالح الموظف نفسه او لصالح شخص او
كيان اخر لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما او يمتنع عن القيام بفعل ما لدى اداء
واجباته الرسمية ) .
[16]
- تستجب لنص المادة ( 18 / أ ) من الاتفاقية التي نصت :-
( تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم
الافعال التالية ، عندما ترتكب عمدا :- أ- وعد موظف عمومي او أي شخص اخر باي مزية
غير مستحقة او عرضها عليه او منحه اياها بشكل مباشر او غير مباشر لتحريض ذلك
الموظف العمومي او الشخص على استغلال نفوذه الفعلي او المفترض بهدف الحصول من
ادارة او سلطة عمومية تابعة للدولة الطرف على مزية غير مستحقة لصالح المحرض الاصلي
على ذلك الفعل او لصالح شخص اخر . ) .
[17]
تستجيب لنص المادة ( 18 / ب ) من الاتفاقية التي نصت :-
( تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم
الافعال التالية عندما ترتكب عمدا :- ب- قيام موظف عمومي او أي شخص اخر ، بشكل
مباشر او غير مباشر ، بالتماس او قبول اي مزية غير مستحقة لصالحه هو او لصالح شخص
اخر لكي يستغل ذلك الموظف العمومي او الشخص نفوذه الفعلي او المفترض بهدف الحصول
من ادارة او سلطة عمومية تابعة للدولة الطرف على مزية غير مستحقة . ) .
[18]
- نصت المادة ( 115 ) من قانون العقوبات المصري :- ( كل موظف عام
حصل او حاول ان يحصل لنفسه او حاول ان يحصل لغيره بدون وجه حق على ربح او منفعة من
عمل من اعمال وظيفته يعاقب بالسجن المشدد . )
[19]
- النص العراقي هذا قريب من نص المادة ( 227 ) من قانون العقوبات
الاماراتي الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 :- ( يعاقب بالسجن المؤقت كل موظف او مكلف
بخدمة عامة عهد اليه بالمحافظة على مصلحة للدولة او لاحد الجهات التي ورد ذكرها في
المادة ( 5 ) في صفقة او عملية او قضية ، واضر عمدا بهذه المصلحة ليحصل على ربح
لنفسه او لغيره . )
[20]
- اضيفت الفقرة ( 3 ) الى المادة ( 329 ) من قانون العقوبات رقم
( 111 ) لسنة 1969 بموجب القسم ( 4 ) من امر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم (
59 ) لسنة 2004 ، ويقصد ( بلجنة النزاهة العامة ) هيئة النزاهة .
[21]
- تستجيب لنص المادة ( 19 ) من الاتفاقية ، التي نصت :-
( تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لكي تجرم
تعمد موظف عمومي اساءة استغلال وظائفه او موقعه أي قيامه او عدم قيامه بفعل ما لدى
الاضطلاع بوظائفه بغرض الحصول على مزية غير مستحقة لصالحه هو او لصالح شخص او كيان
اخر مما يشكل انتهاكا للقوانين .) .
[22]
- قضت محكمة جنايات الكرخ بالعدد 105 / ت / عدلية 84-85 في 3 / 2
/ 1985 :- ( وجد ان السيدة ( س ) ورفيقاتها كن يشتغلن بوصفهن عاملات بائعات في
جمعية الكاظمية الاستهلاكية وقد ثبت للمحكمة ان رأسمال هذه الجمعية يتكون من مجموع
بدلات رسم اشتراكات الاعضاء المنتسبين وهو اشخاص عاديون ... وذلك يعني ان الدولة
لم تسهم باي شكل كان بنصيب من مالها لتكوين رأس مال الجمعية الاصلي فيكون الفعل
الجرمي المرتكب هو التصرف بمبالغ من النقود تعود لهذه الجمعية وخلافا للغرض الذي
عهد به اليهن من اجله ، وتكون الواقعة بهذا الوصف خيانة امانة . ) .
[23]
- تجريم المشاركة هو احد مقتضيات التجريم الالزامية وفقا لما
اشار الية الدليل التشريعي للاتفاقية ص114 فقرة ( 341 ) :- ( يجب على الدول
الاطراف ان تجرم المشاركة باي صفة ، كطرف متواطئ او مساعد او محرض في الافعال
المجرمة وفقا للاتفاقية ) ، وجاء في الفقرة ( 343 ):- وتبين ملحوظة تفسيرية ان
صيغة الفقرة ( 1 ) من هذه المادة ( 27 ) يقصد منها شمول مختلف درجات المشاركة ،
ولكن لم يقصد منها الزام الدول الاطراف بادراج كل هذه الدرجات في تشريعاتها
الداخلية ... .
[24]
- جاءت صياغة الفقرة ( 3) من المادة ( 27 ) من الاتفاقية
بنسختها العربية موحية بانها حكم من الاحكام
الالزامية في تجريم الاعداد لجريمة
الفساد بقولها :- ( تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى
لكي تجرم ، وفقا لقانونها الداخلي ، الاعداد لارتكاب فعل مجرم وفقا لهذه الاتفاقية
) . الا ان حقيقية هذا الحكم هو من
الاحكام الاختيارية وليس الاحكام الالزامية ، وهذا يبدوا واضحا من مراجعة نص
الاتفاقية باللغات الاخرى ، ولانه من غير المعقول ان تجعل الاتفاقية تجريم الشروع
اختياريا حسب نص الفقرة ( 2 ) من المادة ذاتها ، ثم تجعل تجريم الاعداد للجريمة
الزاميا ، لان الشروع اخطر من الفساد بلا خلاف . وقد اشار الدليل التشريعي لتنفيذ
اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد الى ان تجريم الشروع والاعداد كلاهما امر
اختياري ص 115 الفقرة 345 من الدليل التشريعي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق