تعليق
على قرار
محكمة استئناف بغداد –
الرصافة بصفتها التمييزية
الاختصاص
المكاني
في
دعوى الاستملاك من النظام العام
قضت
محكمة استئناف بغداد – الرصافة بصفتها التمييزية بالعدد 379 / م / 2007 في 30 / 9
/ 2007 بنقض قرار محكمة بداءة الكرادة المرقم 5 / استملاك / 2006 فـي 5 / 9 / 2007
القاضي :-
(
بتمليك العقار المرقم ( 1791 / 1 ) مقاطعة ( 17 ) تلول السديرة للمدعى عليه /
وزارة الموارد المائية لقاء بدل مقداره ( 135 ) مليون دينار يدفعها المدعى عليه
للمدعين وتسجيلها باسمه في دائرة التسجيل العقاري المختصة بعد ايداعه البدل
المذكور والمصاريف في صندوق المحكمة واكتساب الحكم درجة البتات ) .
لانه :-
( غير صحيح ومخالف للقانون ذلك انه صدر عن محكمة
بداءة الكرادة وهي محكمة غير مختصة مكانيا بنظر الدعوى حيث ان الدعوى هي من
الدعاوى الناشئة عن تطبيق احكام قانون الاستملاك رقم 12 لسنة 1981 النافذ الذي هو
قانون خاص يجب التقيد باحكامه وعدم تجاوزها ، اذ حدد القانون المذكور المحكمة
المختصة بنظر دعوى الاستملاك بمحكمة بداءة موقع العقار ، واوجب تقديم الطلب اليها
مباشرة ( م10 منه ) ، ويستفاد من نص المادة المذكورة والمادة ( 13 ) منه والقرار
183 المؤرخ 29 / 8 / 2002 ان جميع الدعاوى الناشئة من تطبيق قانون الاستملاك تخضع
لاختصاص محكمة بداءة موقع العقار ، وبما ان العقار موضوع الدعوى ... يقع ضمن
الحدود الادارية لمدينة الصدر ، فان محكمة بداءة مدينة الصدر هي المحكمة المختصة
بنظر الدعوى ، وهي تمارس كافة الاجراءات فيها ، وتصدر الحكم الفاصل ، لذا كان
يتعين عدم قبول الدعوى ابتداءا او بعد قبولها احالتها لمحكمة بداءة مدينة الصدر
قبل الدخول في اساسها ... ) .
ويستفاد
من هذا القرار المبادئ الاتية :-
1- ان
الاختصاص المكاني في جميع الدعاوى الناشئة عن تطبيق قانون الاستملاك يعد من النظام
العام . ويترتب على ذلك ان المحكمة تثير عدم اختصاصها المكاني من تلقاء نفسها ،
ولو بلا طعن من الخصوم بعدم اختصاص المحكمة المكاني ، ولا يسقط الحق فيه بالدخول
باساس الدعوى ، خلافا للقواعد والاحكام المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية
.
2- ان
الاختصاص المكاني في جميع الدعاوى المنصوص عليها في قانون الاستملاك يكون لمحكمة
بداءة موقع العقار .
3- يتوجب
بالمحكمة احالة الدعوى الاستملاكية من تلقاء نفسها الى المحكمة المختصة مكانيا اذا
وجدت نفسها غير مختصة مكانيا بنظرها .
4- يجوز
للمحكمة ان ترفض قبول دعاوى تقدم اليها بحجة انها غير مختصة مكانيا بنظرها .
واستندت
محكمة الاستئناف الموقرة في اقرار تلك المبادئ الى :-
أ-
ان قانون الاستملاك
هو قانون خاص يجب التقيد باحكامه وعدم تجاوزها .
ب-
واستندت الى حكم المادة ( 10 ) من قانون الاستملاك التي نصت :- ( على المستملك
تقديم طلب الاستملاك الى محكمة بداءة موقع العقار ) ، والى نص المادة ( 13 ) منه
التي تتحدث عن تشكيل هيئة التقدير برئاسة قاضي محكمة بداءة المنطقة ، والى نص
القرار 183 في 29 / 8 / 2002 الذي نصت الفقرة اولا منه :- ( تقوم وزارة الري
بالطلب الى محكمة بداءة موقع العقار باستملاك مساحة الارض الداخلة ضمن المشروع
المشمول باحكام قانون تنفيذ مشاريع الري ... ) .
والحقيقة
يصعب – من وجهة نظر قانونية بديهية - القبول بما جاء به القرار التمييزي الموقر ،
لا من جهة اسسه القانونية ، ولا من جهة مبادئه ، ولا من جهة النتائج التي ينتهي
اليها ، فالدعاوى الناشئة عن تطبيق قانون الاستملاك والتي يصح تسميتها بـ (
الدعاوى الاستملاكية ) هي عدة اصناف من الدعاوى اهمها :-
1- دعاوى
نزع الملكية وهي نوعين :-
الاول :- دعوى الاستملاك :- وهي الدعوى التي تقيمها دوائر
الدولة على مالك العقار بطلب نزع ملكية عقاره لقاء تعويض تقدره هيئة التقدير وفقا
لنص المادة ( 10 ) من قانون الاستملاك .
الثاني :- دعوى التمليك :- التي يقيمها مالك العقار على
الدائرة يطلب فيها تمليك العقار اليها لقاء بدل تقدره هيئة التقدير ، فيما
اذا وضعت يدها على عقاره مدة تزيد على
سنتين وامتنعت عن طلب استملاكه وفقا لنص المادة ( 28 ) من قانون الاستملاك .
2- دعاوى
الغاء الاستملاك والتعويض وفقا لنص المادة ( 57 ) من قانون الاستملاك لعدم ايداع
بدل الاستملاك خلال ثلاثة اشهر .
3- ودعاوى
المطالبة بالتعويضات وهي كثيرة كالدعاوى المنصوص عليها في المواد 50 و51 و53 و57 وغيرها
.
4- ودعوى
الاعتراض على شمول العقارات بالتحسن وفقا لنص المادة ( 45 ) من قانون الاستملاك .
وغيرها
من الدعاوى المنصوص عليها في القانون المذكور . وتلك الدعاوى هي ما يصح تسميته بـ
( الدعاوى الاستملاكية ) وهي انوعا متعددة منها ( دعوى الاستملاك ) ومن الخطأ الظن
بان ( الدعوى الاستملاكية ) هي ( دعوى الاستملاك ) فقط ، بل انها جميع الدعاوى
المنصوص عليها في قانون الاستملاك بضمنها ( دعوى الاستملاك ) .
وقد
قضت بعض نصوص ذلك القانون ( أي قانون الاستملاك ) على ان تختص ( محكمة بداءة موقع
العقار ) بالنظر ببعض الدعاوى الاستملاكية ، وترك بعضها للقواعد العامة ، فلم ينص
القانون المذكور على ان تختص محكمة بداءة موقع العقار ببعض الدعاوى المنصوص عليها
فيه ، بضمنها دعوى ( التمليك ) التي يقيمها مالك العقار على الدائرة للحكم
بتمليكها العقار جبرا عليها لقاء تعويض عادل ، لذا فلا وجه للقول بان قانون
الاستملاك نص على ان تختص ( محكمة بداءة موقع العقار ) بجميع الدعاوى المنصوص
عليها فيه ، ما دام لم يرد نص خاص ببعضها في ذلك القانون ، فتكون بالتالي الاحكام
المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية هي الواجبة التطبيق بِشأن تحديد المحكمة
المختصة مكانيا بشأن الدعاوى الاستملاكية التي لم يرد خاص في قانون الاستملاك يحدد
المحكمة التي تختص مكانيا بنظرها .
ومما
لا نزاع فيه ان الاصل في الاختصاص المكاني انه لا يتعلق بالنظام العام ، ولا يحق
للمحكمة اثارته من تلقاء نفسها ، ويسقط الحق به بالدخول باساس الدعوى قبل التمسك
بعدم اختصاص المحكمة المكاني ، وفقا لما تقضي به نصوص قانون المرافعات المدنية .
ولم يتضمن قانون الاستملاك لا نصوصا صريحة ولا نصوصا ضمنية تقضي بخلاف ذلك ، فلم
يرد نص فيه يقضي باعتبار الاختصاص المكاني المنصوص عليه فيه ( أي في قانون
الاستملاك ) من النظام العام ، والاصل ان قانون المرافعات المدنية :- ( هو المرجع
لكافة قوانين المرافعات والاجراءات اذا لم يكن فيها نص يتعارض معه صراحة )
وفقا لما نصت عليه المادة ( 1 ) منه ، وحيث لا توجد نصوص في قانون الاستملاك تقضي
بجعل الاختصاص المكاني فيه من النظام العام ، وليس فيه نصوص توجب على المحكمة
اثارة عدم اختصاصها المكاني من تلقاء نفسها ، وليس فيه نصوص تقضي بعدم سقوط الحق بالطعن
بعدم الاختصاص المكاني بالدخول في اساس الدعوى وفق ما تقضي به المادة ( 74 ) من
قانون المرافعات المدنية ، لذا فلا يمكن القول بان الاختصاص المكاني في قانون
الاستملاك من النظام العام وانه تثيره المحكمة من تلقاء نفسها ، ما دام ان نص
المادة ( 1 ) من قانون المرافعات المشار اليها جعلت قانون المرافعات هو المرجع
لكافة قوانين المرافعات والاجراءات بضمنها قانون الاستملاك ، الا في حالة واحدة ،
هي وجود نص فيها يتعارض معه ( صراحة ) ، لذا لا يقبل القول بان الاختصاص
المكاني في قانون الاستملاك من النظام العام بحجة ان قانون الاستملاك قانون خاص ،
ما دام ذلك القانون الخاص لا يتضمن نصوص تتعارض مع نصوص قانون المرافعات التي تقضي
بكون الاختصاص المكاني غير متعلقة بالنظام العام ، فلا يصح تعطيل احكام قانون
المرافعات بشأن الاختصاص المكاني الا اذا وجد نص يعارضها ( صراحة ) والا
فانها هي الواجبة التطبيق ، فلا تطبيق لاحكام الاختصاص المكاني الواردة في قانون
المرافعات بشأن تحديد المحكمة المختصة مكانيا في الدعوى التي تقام للمطالبة
بالتعويض عن الاضرار المادية التي لحقت بعقار لا يمسه الاستملاك ، لان نص المادة (
52 ) من قانون الاستملاك حددتها بمحكمة بداءة موقع العقار ، لكن قانون الاستملاك
لم يتضمن نصا يتحدث عن عدم سقوط الحق في الطعن بعدم اختصاص المحكمة المكاني
بالدخول باساس الدعوى ، او كون ذلك الاختصاص من النظام العام ، لذا تطبق احكام
قانون المرافعات بشأن ذلك فيما يتعلق بتلك الدعوى ، لانه هو المرجع لكافة القوانين
.
لذلك
لا يقبل القول بان احكام الاختصاص المكاني
المنصوص عليها في قانون الاستملاك تعد من النظام العام ، بل هي احكام غير متعلقة
بالنظام العام ، فلا يصح للمحكمة اثارته من تلقاء نفسها ، ولا يقبل منها ان تحيل
الدعوى لعدم الاختصاص المكاني ما لم يطعن بعدم اختصاصها المكاني من المدعى عليه ،
ويسقط حق المدعى عليه بالطعن بعدم الاختصاص المكاني بالدخول في اساس الدعوى ، ولو
كان تحديد المحكمة المختصة مكانيا بنظر الدعوى الاستملاكية قد ورد في قانون
الاستملاك ، لانه رغم ذلك يظل غير متعلق بالنظام العام .
ومع
كل ذلك ، وعلى فرض القبول بان الاختصاص المكاني المنصوص عليه في قانون الاستملاك
من النظام العام ، فان قول القرار التمييزي المعلق عليه بان المحكمة المختصة بنظر
الدعوى التي نقض الحكم الصادر فيها من اختصاص محكمة بداءة موقع العقار استدلا بنص
المادة ( 10 ) من قانون الاستملاك ونص القرار 183 لسنة 2002 غير مقبول من وجهين :-
الاول
:- ان قانون الاستملاك فيما يتعلق بدعاوى نزع ملكية العقارات حدد المحكمة المختصة
بنوع واحد منها ، وترك تحديد المحكمة المختصة مكانيا بالنسبة للنوع الثاني ، اذ
حدد في المادة ( 10 ) منه المحكمة المختصة مكانيا بنظر ( دعوى الاستملاك ) وهي
الدعوى التي تقيمها الدائرة على مالك العقار بطلب استملاك العقار ، ولم يحدد
المحكمة المختصة مكانيا بنظر دعوى ( التمليك ) وهي الدعوى التي يقيمها مالك العقار
على الدائرة لتمليكها العقار ، ولا يمكن سحب حكم الفقرة ( 10 ) الخاصة بـ ( دعوى
الاستملاك ) على ( دعوى التمليك ) ، خاصة وان نص المادة المذكورة جاء بالقول :- (
على المستملك تقديم طلب الاستملاك الى محكمة بداءة موقع العقار ... ) فالنص يلزم
المستملك بتقديم طلب الاستملاك الى محكمة بداءة موقع العقار ، لذا لا يمكن سحبه
على دعوى ( التمليك ) التي يقيمها مالك العقار على الدائرة ، فالنص الزام (
المستملك / أي الدائرة ) ولم يتحدث عن الزام ( صاحب العقار - طالب التمليك ) وهو (
المستملك منه ) ، وحيث ان الدعوى التي صدر فيها القرار المعلق عليه هو دعوى (
تمليك ) وليست دعوى ( استملاك ) لذا فان فلا وجه للاستدلال بنص المادة ( 10 ) من
قانون الاستملاك في تحديد المحكمة المختصة مكانيا بنظرها .
الثاني
:- ان القرار 183 لسنة 2002 نص على ان :- ( تقوم وزارة الري بالطلب الى محكمة
بداءة موقع العقار باستملاك مساحة الارض ... ) فالنص يتحدث عن الدعوى التي تقيمها
وزارة الموارد المائية ( الري سابقا ) لطلب الاستملاك ، في حين ان الدعوى التي صدر
فيها القرار المعلق عليه ليست دعوى ( استملاك ) تقيمها الوزارة على مالكي العقار ،
بل هي دعوى ( تمليك ) اقيمت على الوزارة من مالكي العقار ، والدعويين مختلفتين
تماما ، ولا يمكن صرف الزام الوزارة الوارد في القرار المذكورعلى الزام مالكي
العقار ، فينطبق على نص القرار ما ذكرناه بشأن المادة ( 10 ) من قانون الاستملاك .
ولا
وجه – مطلقا - للاستدلال بنص المادة ( 13 ) من قانون الاستملاك بشأن ذلك ، لان
المادة تلك لا علاقة لها بالمحكمة المختصة بنظر دعوى الاستملاك ولا بنظر دعوى
التمليك ، لانها تتحدث عن هيئة التقدير ، ومن الخطأ الكبير في فهم قانون الاستملاك
الخلط بين ( المحكمة التي تنظر في دعوى الاستملاك ) وهي محكمة البداءة بصفتها
محكمة مشكلة وفقا لقانون المرافعات المدنية ، وبين ( هيئة التقدير ) التي هي ( لجنة
تقدير ) تشكل برئاسة قاضي البداءة ، والفرق بينهما كبير جدا ، ولا محل للبحث فيه
هنا .
ومع
ذلك فاننا ننتهي الى ما يقارب ما انتهى اليه القرار التمييزي بشأن المحكمة المختصة
مكانيا بنظر دعوى التمليك وهي ( محكمة محل العقار ) ، ولكن ليس استنادا لنص المادة
( 10 ) من قانون الاستملاك ولا المادة ( 13 ) منه ، ولا القرار 183 لسنة 2002 كما
ذهب القرار التمييزي ، بل استنادا للمادة ( 36 ) من قانون المرافعات المدنية التي
تنص :- ( تقام الدعوى في محكمة محل العقار اذا تعلقت بحق عيني ... ) ، لان قانون
الاستملاك لم يتضمن نصا يحدد المحكمة المختصة مكانيا بنظر دعوى ( التمليك ) ،
فلابد من الرجوع الى قانون المرافعات لتحديد المحكمة المختصة مكانيا بنظرها .
ويترتب
على ذلك :- ان استدلال محكمة استئناف بغداد- الرصافة بصفتها التمييزية في القرار
المعلق عليه بان الاختصاص المكاني في دعوى ( التمليك ) ورد في قانون الاستملاك غير
صحيح ، لان تلك الدعوى ( التمليك ) لم يتضمن قانون الاستملاك نصا يحدد المحكمة
المختصة مكانيا بنظرها ، وذلك يهدم الاساس الذي بنت عليه المحكمة الموقرة توصلها
الى انه اختصاص مكاني من النظام العام ، بحجة وروده في قانون الاستملاك ، في حين
انه في حقيقته اختصاص مكاني لم يذكره قانون الاستملاك مطلقا . وينهدم بالتالي كل
الاسس التي قامت عليها مبادئ القرار التمييزي الموقـر ، وينهدم معه كل النتائج
المترتبة عليه .
الا
ان اخطر ما جاء به القرار التمييزي المعلق عليه قوله :- ( ... لذا كان على المحكمة
عدم قبول الدعوى ابتداء ، او بعد قبولها ... ) وهذا يعني ان للمحاكم رفض قبول
الدعاوى الاستملاكية التي تقدم اليها ، بحجة انها غير مختصة بها مكانيا ، أي ترفض
المحكمة قبول تسجيلها كدعوى ، وذلك امر خطير جدا ولا يتفق مع ابسط قواعد الاجراءات
والتقاضي امام المحاكم ، فلا يمكن لمحكمة او قاض رفض قبول دعوى قدمت اليه مهما
كانت الطلبات الواردة فيها ، بل ان المحكمة ملزمة بتسجيلها وتبليغ الطرف الاخر
والبت فيها طبقا لاحكام القانون بما يتراءى لها ، والا فان اعطاء المحكمة حق رفض
قبول الدعوى وحق الامتناع عن تسجيلها كدعوى سيجعل الامر فوضى لا اساس لها ، خاصة
وان عدم تسجيل الدعوى سيجعل صاحب الشأن بلا حماية وتحت رحمة ومزاج القاضي ، فلا
يستطيع صاحب الشأن الطعن في موقف المحكمة من رفض تسجيل الدعوى ، فقد يجد قاضي احد
المحاكم انه غير مختص مكانيا بنظر دعوى ( تمليك ) عقار يقع في مكان محادد لاختصاص
المحكمة المجاورة ، فيرفض تسجيل الدعوى ويوجه صاحب الشأن لمراجعة المحكمة التي
يجدها مختصة ، وحينما يراجع صاحب الشأن المحكمة الاخرى فيجد ان قاضيها يجد نفسه
غير مختص ايضا ، ويرفض تسجيل الدعوى ، فيظل صاحب الشأن يدور في حلقة مفرغة لا سبيل
الى الخروج منها .
والاصل
ان امتناع القاضي عن قبول دعوى ولو تضمنت ( كفرا ) هو احد اسباب الشكوى من القضاة
، اذ انها من صور الامتناع عن احقاق الحق المنصوص عليها صراحة في المادة ( 286 / 3
) من قانون المرافعات المدنية التي نصت :- ( لكل من طرفي الخصومة ان يشكو القاضي
او هيئة المحكمة او احد قضاتها في الاحوال الاتية :- 1- ... 3- اذا امتنع القاضي
عن احقاق الحق ، ويعتبر من هذا القبيل ان يرفض بغير عذر الاجابة على عريضة قدمت
اليه ، او يؤخر ما يقتضي بشأنها بدون مبرر او يمتنع عن رؤية دعوى مهيأة للمرافعة
... ) .
والمعروف
بداهة ان قانون المرافعات المدنية لم يعط للمحكمة - لاي سبب كان - ان ترفض قبول
دعوى او تمتنع عن تسجيلها الا في حالة واحدة فقط ، هي اذا لم يرفق المدعي بعريضة
الدعوى المستندات والصور المنصوص عليها في الفقرة ( 1 ) من المادة ( 47 ) من قانون
المرافعات المدنية ، ولا يحق للمحكمة رفض قبول الدعوى لاي سبب اخر كعدم الاختصاص
سواء اكان مكانيا او نوعيا او وظيفيا ، بل ان من واجب المحكمة قبول الدعاوى مهما
كانت الطلبات الواردة فيها ، وتسجيلها ، ثم النظر فيها وفقا لاحكام القانون ، وقد
يكون لها سلطة احالتها الى المحكمة المختصة اذا ما كانت تجد انها غير مختصة بنظرها
نوعيا ، او مكانيا اذا ما وقع الطعن بعدم اختصاصها المكاني .
القاضي
رحيم حسن العكيلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق