التمييز ضد المرأة طبقا للمعايير الدولية
عرفت اتفاقية ( القضاء على جميع اشكال التميز ضد المرأة ) لعام
1970( CDAW
) التميز ضد المرأة في المادة الاولى منها
بانه :- ( أي تفرقة او استبعاد او تقييد يتم على اساس الجنس و يكون من اثاره او
اغراضه النيل من الاعتراف للمرأة - على اساس تساوي الرجل و المرأة - بحقوق الانسان
و الحريات الاساسية في الميادين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و
المدنية او في اي ميدان اخر او ابطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق ، او تمتعها بها
، او ممارستها لها ، بغض النظر عن حالتها الزوجية ).
ومن تحليل التعريف يتبين بان ( التمييز ضد المرأة ينهض حال
قيام العناصر الاتي :-
اولا :- ان يكون هناك ( تفرقة ) او ( استبعاد ) او ( تقييد )
لواحد او اكثر من حقوق او حريات المرأة ، ويقصد بتلك الالفاظ :-
1- تفرقة :- وتعني منح حقوق او مراكز غير متساوية للمرأة
مقارنة بالرجل في نفس الظروف القانونية والواقعية ، فهي مواقف او ممارسات او اعراف
او قوانين ، تفرق في الحكم بين المرأة والرجل رغم انهما في مركز قانوني وواقعي
متشابه بالكامل او متطابق بالكامل ، اي انها تعامل المرأة التي تكون في مركز
قانوني وواقعي مطابق للرجل بطريقة مختلفة ، بما يؤدي الى النيل من الاعتراف لها
بحقوق الانسان وحرياته الكاملة في كافة الميادين بالمساواة مع الرجل ، مثل تعدد
الزوجات ، وحق الزوج بطلاق زوجته بارادته المنفردة ، ومنح المرأة حصة ارثية اقل
مقارنة بالرجل من نفسها درجة قرابتها ، ومنح الزوج حق التأديب على زوجته ، وافراد
الاب بالوصاية على الاولاد القاصرين من حيث المال والنفس ، ومنعها من الزواج الا
باذن وليها ، ومنح الرجل حق قتل احدد محارمه في حالة تلبسها بالزنا او وجوده في
فراش واحد مع شريكها ، ففي كل تلك الصور تكون المرأة والرجل في موقف واقعي وقانوني
متماثل ، لكن القانون او العرف الاجتماعي او الممارسات تمنح الرجل حقا ، لا تمنح
المرأة مثله لذا فانها تفرقة بينهما على اساس الجنس .
2- استبعاد :- وهي الغاء او عدم الاعتراف للمرأة بحقوق او
حريات يفترض انها تتمتع بها كانسان ، من خلال ممارسات او اعراف او تقاليد اجتماعية
او مواقف دينية او قانونية او قضائية ، دون ان تكون في موضع مقارنة مع رجل في نفس
ظروفها ، مثل حرمان المرأة من حقها في العمل ، وحرمانها من التعليم او من اكمال
التعليم ، وحرمان الزوجة – في بعض المذاهب
الاسلامية – من ارث العقارات من تركة زوجها المتوفى .
3- تقييد :- ويعني وضع قيود او تحديدات على حرية او حق ما
للمرأة ، دون الغاء تلك الحرية او الحقوق او عدم الاعتراف بها ، مثل اقرار حرية
المرأة في السفر ولكن بتقييده بعدم سفرها الا مع محرم او بموافقة محرم ( كالاب او
الزوج او الاخ ... الخ ) ، ومنعها من الزواج بغير معتنقي ديانتها ، او تقييد
حريتها في الخروج خارج المنزل الا باذن .
ثانيا :- ان تكون التفرقة او الاستبعاد او التقييد ، قائمة على
اساس الجنس ، اي انها يتم تبنيها على اساس جنس المرأة كانثى ، وليس لاي ضابط او
معيار قانوني معتبر اخر .
ثالثا :- ان يتحقق في التفرقة او الاستبعاد او التقييد احد
امرين هما :-
1- ان يكون له اثر ما في النيل من
الاعتراف للمرأة بحقوق الانسان وحرياته الاساسية او ابطال الاعتراف لها بتلك
الحقوق ، او منع تمتعها بها او ممارستها لها .
2- ان يكون من اغراضه النيل من الاعتراف
للمرأة بحقوق الانسان وحرياته الاساسية او ابطال الاعتراف لها بتلك الحقوق او منع
تمتعها بها او ممارستها لها .
رابعا :- ان يخرج ذلك عن اطار المساواة بين الرجل والمرأة في
جميع الحقوق والحريات .
ولا فرق في انطباق تعريف ( التميز ضد المرأة ) على المرأة بغض
النظر عن حالتها الاجتماعية ( الزوجية ) فلا فرق ان تكون المرأة عزباء ( باكر ) او
متزوجة او مطلقة او ارملة ، لان الحقوق والحريات التي يتوجب الاعتراف بها للمرأة
على قدم المساواة بالرجل انما تنعكس من كونها انسان ، لها حق التمتع بجميع الحقوق
والحريات الاساسية للانسان ، وحالتها الاجتماعية ( الزوجية ) لا اثر لها في ذلك
باي حال من الاحوال .
ويظهر التمييز ضد المرأة في صورة نص قانوني ، كما هو الحال في
تخفيض عقوبة الرجل حينما يقتل المرأة حال تلبسها بالزنا او وجودها في فراش واحد مع
شريكه ، او حرمان المرأة من جنسيتها بسبب زواجها من اجنبي .
وقد يظهر في صورة اجتهاد قضائي تقره المحاكم وتتبناه على الرغم
من عدم النص عليه في القانون مثل تخفيف عقوبة ما يعرف بالقتل غسلا للعار ، وحرمان
الزوجة من استحقاقها من النفقة على زوجها بحجة انها تمتنع عن تمكين زوجها من
مواقعتها .
وقد يظهر التمييز ضد المرأة في صور تطبيقات تنفيذية مخالفة
للنصوص الدستورية والقانونية التي تقر المساواة وتطلق حرية او حق المرأة في امر ما
، مثل حرمان المرأة من السفر الا مع محرم او بموافقة محرم ، ورفض اصدار جواز سفر
لها الا بموافقة وليها كالاب او الزوج ، ورفض تعيين المرأة في الوظائف بحجة عدم
كفائتها او عاطفيتها او لامر يتعلق بدورتها الشهرية او حملها وانجابها وما يرتبط
بذلك من اخذها اجازات الحمل والولادة والامومة .
ويظهر غالبا التمييز ضد المرأة في صورة ممارسات واعراف يتبناها
المجتمع ويعمل بها وتصبح جزءا من قيمه وتقاليده الراسخة ،وتؤدي الى حرمان المرأة
من حقوقها او سلب او تقييد حرياتها ، مثل منع المرأة من العمل او الخروج خارج
المنزل ولو لاغراض صحية الا باذن او مع شخص اخر ، وحرمانها من الدراسة او اكمال
الدراسة بحجة المحافظة على الشرف والعفة ومنع الاختلاط مع الذكور ، ومثل حرمان
المرأة من ارث ابيها بحجة زواجها ، ودفعها او اجبارها على الانتحار بحجة سوء
سلوكها او ارتكابها الزنا ، او بسبب اكتشاف علاقة لها برجل اجنبي خارج اطار الزواج
.
ومنع التمييز ضد المرأة هو تطبيق تفصيلي لمبدأ المساواة بين
الرجل والمرأة ، الا ان بعض صور انصاف المرأة قد تثير الشك في كونها خروج عن مبدأ
المساواة ، مثل حق الكوتا ، وحق الام في اجازة الحمل والولادة والامومة دون الرجل
.
والحقيقة ان المساواة ومنع التمييز بين الجنسين لا تمنع من
مراعاة الفروق البالوجية بين المرأة والرجل ، ودور الام والاب بالنسبة للاطفال ،
فمنح الحق في اجازة الحمل والولادة انما ترتبط بانفراد المرأة بالحمل والولادة دون
الرجل ، فهو امر مرتبط بامر خاص بها تنفرد به عن الرجال .
اما الانظمة التي تتبناها القوانين لانصاف المرأة مثل نظام
الكوتا النسوية ، والذي يوجب تمثيل النساء بنسبة معينة في البرلمانات خلافا لقواعد
المناسبة الانتخابية ، فانها تدابير خاصة مؤقتة واليات يقصد منها التعجيل بالمساواة
الفعلية بين الرجل والمراة في ظل ظروف واقعية تحرم المرأة من ذلك التمثيل اذا ما
ترك الامر بدون اقرار نظام الكوتا النسوية ، مما يتعارض مع الاهداف التي يبغيها
مبدأ المساواة الفعلية بين الجنسين ، لان المساواة ليست نصوصا في الدستور والقانون
بل تطبيقات واقعية تفرض مساواة فعلية على ارض الواقع ، وهذا الامر هو ما اشارت
اليه المادة ( 4 ) من اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة التي نصت
:-
( 1. لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف
تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزا
بالمعنى الذي تأخذ به هذه الاتفاقية، ولكنه يجب ألا يستتبع، على أي نحو، الإبقاء
على معايير غير متكافئة أو منفصلة، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت
أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة.
2. لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة تستهدف حماية الأمومة، بما في ذلك تلك التدابير الواردة في هذه الاتفاقية، إجراء تمييزيا. ) .
2. لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة تستهدف حماية الأمومة، بما في ذلك تلك التدابير الواردة في هذه الاتفاقية، إجراء تمييزيا. ) .
فتلك التدابير صنفين هما :-
1- تدابير
خاص مؤقتة :- ويشترط فيها :-
أ- ان
تكون صالحة لتحقيق المساواة بين الجنسين .
ب- ان
تستهدف التعجيل بالمساواة بين الجنسين .
ج- ان تكون مؤقتة .
د- ان تلغى او يوقف العمل بها متى ما
تحققت اهداف تكافؤ الفرص والمعاملة بين الجنسين .
2- تدابير
خاصة لحماية الامومة .وهذه تكون دائمة ولا تعد تمييزا باي حال من الاحوال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق